القاهرة | «طول ما العدل مبيطبقش على الكل، الدنيا هتولع في يوم ومش هتعرفوا تطفوها». ما سبق واحدة من العبارات «الساخنة» التي يحويها الإعلان الرسمي لـ«كارما». الفيلم الذي يعيد خالد يوسف إلى السينما بعد غياب سبع سنوات، منذ عرض «كف القمر» عام 2011. بعدها انشغل المخرج المصري بالسياسة ودخل البرلمان عضواً منتخباً، قبل أن يقرر العودة إلى الفن السابع. لكن السياسة لم تتركه بسهولة، إذ منعت الرقابة المصرية أخيراً الفيلم من العرض على نحو مفاجئ صباح أمس. وكان يُفترض أن يقام العرض الأول للفيلم بحضور كامل نجومه مساء اليوم في سينما «أمريكانا بلازا» في مدينة السادس من أكتوبر.

حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم تصدر الرقابة المصرية ممثلة برئيسها خالد عبد الجليل أي بيان رسمي عن سبب منع عرض فيلم «كارما»، فيما التزم خالد يوسف الصمت. وتردد أن مفاوضات على أعلى مستوى تمت خلال الساعات الماضية، على أمل الوصول إلى حلّ وسط، وإن كان الاتجاه الأكبر حتى الآن هو منع الفيلم نهائياً، كونه تخطى ـــ حسب المتحفظين عليه ـــ العديد من الخطوط الحمر. وبالتالي، لا تكمن الأزمة في مشهد أو اثنين ولا في عبارات يمكن حذفها من شريط الصوت.
ما يعرفه الجميع ولن تنشره الصحف المصرية أن الاعتراض على الفيلم لم يصدر من الرقابة نفسها. جهاز الرقابة وافق على السيناريو قبل التصوير كما ينص عليه القانون. كذلك، يتمتع خالد يوسف بمكانة يفترض أنها تحمي أفكاره السينمائية من الملاحقة. وقد مرّ بأزمات مشابهة قبلاً في أفلام مثل «حين ميسرة» و«هي فوضى» الذي شارك يوسف شاهين في إخراجه، ومرّ الشريط بسلام إلى قاعات العرض. في «كارما»، تبدو الأزمة أكثر صعوبة لأن أجهزة تابعة للدولة تتدخل بنفسها، وليس من خلال توجيه الرقابة للوصول إلى حل وسط. والفيلم حسب المعلومات المتاحة عنه ينتمي إلى مدرسة خالد يوسف التي تجمع بين السينما الشعبية والسياسة، بل إنّه يبتعد عن الإسقاطات ويزيد من مساحة الرسائل المباشرة هذه المرة. بجانب اللطشات السياسية ومشاهد الفقر والاحتياج الجنسي التي ظهرت في الإعلان، وعادة ما تثير حفيظة أصحاب مدرسة «الحفاظ على سمعة مصر»، يقترب الفيلم من قضية شائكة هي الفتنة الطائفية في مصر. يجسد بطل «كارما» الممثل عمرو سعد شخصيتين: الأولى لشاب مسلم، والثانية لشخص مسيحي. ويظهر في البرومو أن أحدهما يقرر تغيير دينه. ويجسد الإعلامي خالد تليمة المحسوب على «ثورة يناير» شخصية رجل دين مسيحي. كما يظهر الإعلامي يوسف الحسيني كممثل للمرة الأولى في شخصية محقق نيابة.
يقارب «كارما» الفقر والفتنة الطائفية والنظام البوليسي


ويتطرق الفيلم إلى النظام البوليسي ومراقبة الهواتف في مصر، حيث يقول البطل «هم منعوا الكلام في البيوت ولّا إيه» في إشارة إلى خوف بعضهم من الكلام حتى داخل المنزل. ومع انتظار زيادة أسعار المحروقات بعد إجازة عيد الفطر، تثير عبارة تقولها وفاء عامر القلق بالتأكيد لدى الأجهزة الرسمية، إذ تقول في الإعلان: «أنا بستغرب هم مستقويين على الغلابة أوي كدة ليه»، فيما العبارة الرئيسية في الإعلان يقولها الممثل مجدي كامل وهي: «في بلدنا دي في حاجتين أوعى تقرب منهم أو تحاول تغيرهم، الدين ونظام الحكم».
فيلم «كارما» (كتابة وإخراج خالد يوسف) يشارك في بطولته إلى جانب عمرو سعد، ومجدي كامل، ووفاء عامر كل من: غادة عبد الرازق، زينة، دلال عبد العزيز، خالد الصاوي وماجد المصري.
وقد أنتجته «شركة مصر العربية للإنتاج السينمائي»، غير أن الممول الأساسي هو رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، الذي يفترض أن ينتج سلسلة أفلام أخرى. لكن كل ذلك قيد التأجيل حالياً بعد المنع المفاجئ لـ«كارما» من الجهات العليا في مصر.