مقارنة بالموسم الرمضاني السابق، لم يلحظ هذا العام اطّراداً في الإنتاجات اللبنانية الصرف التي عرضت على الشاشات المحلية، إلا أن بعضها، مقروناً بالأعمال المشتركة عربياً (سورياً، ولبنانياً)، استطاع احتلال هذه الشاشات في شهر الصوم. بقيت الصدارة هذا الموسم، لقناتَي mtv، وlbci، إذ توزعت النسب الأعلى للمشاهدين بينهما. وكان لافتاً تراجع «الجديد» التي فضّلت الاستثمار في الأعمال السورية الصرفة («فوضى»، «ورد شامية»...)، بخلاف العام الماضي، الذي شهد عرض أعمال لبنانية، واستطاعت المحطة تحقيق نسب مشاهدة رغم حجبها عن بعض المناطق اللبنانية. «كل الحب كل الغرام» (كتابة مروان العبد، إخراج إيلي معلوف)، الذي عرض على lbci، بجزئه الثاني، تصدّر بحسب شركتَي «إيبسوس»، وGFK، الصدارة في الأسبوعين الأولين، رغم أنه واجه حملات سخرية على حبكته وأداء الممثلين/ات، على مواقع التواصل الاجتماعي. ثم عاد مسلسل «طريق» (إخراج رشا شربتجي)، وسرق المرتبة الأولى في الأسبوع الأخير من رمضان، وخاصة في حلقاته الأخيرة، تبعاً لشركة GFK. في المشهدية الرمضانية العامة التي تتصل مباشرة بلغة الإحصاء والأرقام، تتكرس سنوياً فكرة عدم وجود عمل واحد يحتكر المشهد كما ساد في الأعوام الماضية، ما أثّر طبعاً على سوق الإنتاج والإعلانات. اليوم، تتوزع النسب على أعمال لبنانية وعربية مشتركة. فكرة يؤكدها أيضاً عضو شركةGFK MRME، طارق عمار. في حديث مع «الأخبار»، يؤكد أنّ هذه الأعمال حظيت بنسب مشاهدة عالية، وتحديداً «كل الحب كل الغرام» (lbci) و«طريق» (mtv)، (تنافسا على المرتبة الأولى)، و«الهيبة - العودة» (mtv)، و«الحب الحقيقي» (lbci)، (المرتبة الثالثة والرابعة)، ما يلغي فكرة «أن مسلسلاً واحداً رمضانياً كسح المشهدية كلها».عدا ذلك، أثبتت هذه الأرقام أنّ الاستثمار في الإنتاجات اللبنانية مربح على القنوات المحلية، حتى الأقل مشاهدة منها بسبب زحمة الأعمال. نتحدث هنا عن «ومشيت» (كتابة كارين رزق الله، إخراج شارل شلالا)، على mtv، الذي حظي برقم لافت حسب عمار، وصل الى 9% (أكثر من 350 ألف مشاهد/ة)، واستحوذ على المرتبة السابعة بين منافسيه. تبقى النقطة الأهم، التي تحصرها شركات الإحصاء عادة بتقويمها العمل بحسب توقيت بثه في الذروة prime time. لكن لو نظرنا الى أرقام الإعادة rerun، سنلحظ نسب مشاهدة عالية لبعض الأعمال الرمضانية مثل «تانغو» (كتابة إياد أبو الشامات - إخراج رامي حنّا)، الذي يلقى رواجاً عالياً في أوقات عرضه في فترة بعد الظهر على lbci (تصل النسبة الى 4 نقاط). كل هذه المشهدية يجب أن تُقرأ بكليتها، كي لا تظلم شركات الإنتاج، ولا يُغش بالتالي سوق الإعلانات بحسب عمّار.
إذاً، زخم مشاهدة عالية للبنانيين/ات على القنوات المحلية، توزع ثقلها على lbci، وmtv، واستطاع استبعاد مقولة أن زمن التلفزيون ولّى، وأن «يوتيوب» حلّ بديلاً. يجزم عمار هنا أن يوتيوب يستخدم في لبنان بشكل فردي، و«لا نزال نتّسم بعادات وتقاليد شرقية، من ضمنها اجتماع العائلة حول التلفزيون، ولا سيّما في شهر الصوم».
ومع الصمود المسجل للتلفزيون محلياً، نسأل عن ارقام مشاهدة اللبنانيين/ات، لفضائيات عربية، فيتبين أن الأعمال نفسها المعروضة محلياً وفضائياً تلقى رواجاً أيضاً. بحسب «جي.أف.كي»، حقق «طريق» على mbc4، نسبة 5%، وهي نسبة لافتة، فيما بقي «الهيبة» (mbc 1)، يحظى بنسب مشاهدة أقل وصلت الى 2%، وهنا، لا بد من الإنتباه الى عامل تواقيت البث. إذ يفضل البعض المشاهدة في أوقات الذروة المسائية، التي غالباً ما تكون على الشاشات المحلية، وإن شاهد فضائياً، فالأمر يعود الى رغبته في إستباق عرض الحلقة مسائياً على الأرجح، مع تسجيل لنسب مشاهدة ضئيلة، للأعمال المصرية وحتى السورية، لدى الجمهور اللبناني، لصالح الأعمال الرمضانية المحلية، أو المشتركة.
في سياق متصل، شهد هذا العام، جدلاً، وشائعات بالجملة حول توقف GFK، عن العمل. أمر لا يستغربه عمّار، ومع ذلك يؤكد أن الشركة المذكورة، ستعد بـ «مفاجآت» في الأشهر القادمة، تتمثل في تطوير العمل وتمدّده لخارج لبنان، فتصح المقولة هنا «باقية وتتمدد». لا يخفي عمار صعوبة العمل الإحصائي داخل لبنان، الذي يتسم بـ «الفساد»، وغياب المهنية والإستقلالية. ومع ذلك، يعيد الـتأكيد على إستقلالية شركته، بدليل أن قناتي lbci (متعاقدة مع الشركة المنافسة «ايبسوس»)، وmtv (انسحبت من GFK)، تتصدارن المشهد الرمضاني بلغة الأرقام وهما لا تعملان حالياً مع «جي.أف.كي».