التردّي، هو السمة الأبرز بالنسبة للفكر الإعلاني في سوريا، مع تسجيل بعض الاستثناءات. إذ يبدو أنّ شركات الإعلان لا تشاهد ماذا يحدث حول العالم من موجة تطوّر لافتة، استحال فيها الإعلان لغة سينمائية مدروسة بأفكار خلاقة، تترك انطباعاً مبهراً في بعض الأحيان. قبل بضعة أيّام، ظهرت دعاية تجارية سورية على شاشات التلفزيون، فكانت بمثابة أبلغ تعبير ممكن عن التردّي الحاصل في هذا المجال. الإعلان لإحدى ماركات السمنة النباتية، أهدى خلال 32 ثانية فرصة لروّاد مواقع التواصل الاجتماعي لبلوغ أعلى درجات التهكّم من عمل قوامه فتاة تدخل صيدلية، وتفاجأ بعلب سمن مصفوفة على رفّ الأدوية. تسأل الفتاة باستغراب ممجوج إن كانت قد دخلت سوبرماركت، ليجيبها الصيدلي بأنّها في صيدلية! فتباغته بالجملة الأكثر ذكاءً في عالم الدعاية: «طيب ليش السمنة هون؟». فتأتيها القنبلة الإعلانية البارعة على شكل جواب الطبيب: «لأنّه في الصيدلية يوجد كل شيء صحّي». بعدما، يحمل الصيدلي علبة سمن ويكتب مقاديرها ويعدّد ميزاتها، ثم ينتهي الإعلان الفذّ، بعد أداء تمثيلي بمثابة عقوبة لمشاهديه!.

هنا، انقضّ الجمهور ليسخر من تاريخ الدعاية التلفزيونية، معتبراً أنّ هذا الإعلان «أهمّ ما أنجز على صعيد التردّي والانحدار في هذا المجال». لم تقف القصة عند هذه الحدود، بل سرعان ما بدأت الصور المركبّة والساخرة بالظهور على الصفحات الافتراضية لمجموعة أطباء يتشاورون فوق طاولة العمليات حول حال المريض الخطيرة، فيطلب مُشرفهم علبة سمن سريعاً.

وكالعادة دخل المونتير صلاح قضماني على الخطّ ليصوّر فيديو عن «الجريمة» الإعلانية المرتكبة بحق المشاهدين. هكذا، ظهر قضماني مستلقياً على أريكة ليسأله صبيّ عن سبب تعبه وإن كان بحاجة إلى طبيب؟. فيجيبه بأنّه لا فائدة من الطبيب، وما عليه إلا أن يحضر له علبة السمن من المطبخ!. الإعلان الذي نفّذته شركة «طيف» (عامر جبارة) وعرضته قناة «سما» الفضائية، حقق مشاهدات كبيرة وشهرة واسعة حتى للماركة التجارية، لكن المؤكّد أن الصدى كان في غاية السلبية!.