الأنباء المتواترة والصادمة عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، منذ الأمس، ما زالت تحتلّ المشهدية الإعلامية والسياسية الإقليمية وحتى العالمية. تضارب المعلومات الذي ساد إبان إختفاء الصحافي السعودي، يوم الثلاثاء الماضي، من قنصلية بلاده في اسطنبول، تبعه في الساعات الأخيرة، فائض من المعلومات والتقارير المتحدثة عن تفاصيل إغتيال خاشقجي، وتعذيبه، خاصة من قبل الإعلام الأميركي. فقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، التي كان يسهم فيها الكاتب السعودي بمقالات ضمن صفحة «رأي»، رواية تؤكد أن 15 شخصاً أتوا من السعودية، ونفذوا عملية الإغتيال، فيما لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً بالتواتر عن مسؤولين أتراك إلى أن خاشقجي «قُتل وشوّهت جثته»، الى جانب تأكيد وكالة «فرانس برس»، نقلاً أيضاً عن مصدر تركي بأن الشرطة تعتقد في استنتاجاتها الأوّلية، أنّ الصحافي «قُتل في القنصليّة بأيدي فريق أتى خصيصاً إلى اسطنبول وغادر في اليوم نفسه».كل هذه الأجواء التي تؤكد وتضع تفاصيل ومعلومات حول مقتل الصحافي السعودي، رست هذه المرة في مناخ يسوده الإنقسام خليجياً. أمر اسهم بأن تنسحب هذه الأجواء بشكل واضح على التعاطي المهني، الذي كان اشبه بالشرخ في التعاطي مع هذا الحدث. من يتابع «الجزيرة»، منذ الأمس، لا شك أنه سريعاً ما يستنتج، أن الشبكة القطرية قد وضعت ثقلها في تغطية مباشرة وخاصة لهذا الحدث. تقارير ومعلومات بالجملة، نشرتها الأخيرة، مستغلة أزمتها الحالية مع السعودية، بفتح النار على الأخيرة، واستغلال خبر إغتيال خاشقجي للإنقضاض على المملكة. هكذا بعد وصفها الصحافي السعودي بأنه «كان صوتاً سعودياً تنويرياً»، راحت تعيد سرد ما نقله الإعلام الأميركي وصدمته من خبر الإغتيال، الى جانب وصفها السعودية وما تقوم به بـ«ديبلوماسية الخطف والقتل»، مستعيدة في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني، كل عمليات الخطف والتصفية الجسدية التي اقترفتها المملكة، بحق معارضين سعوديين بارزين لها، عبر جلبهم الى الرياض وقتلهم هناك، سيما الأمراء منهم الذي اختطفوا بين عاميّ 2015 و2016.
الضخ الإعلامي غير المسبوق للشبكة القطرية، على كافة منصاتها الإفتراضية والتقليدية، لتغطية خبر الإغتيال، ربما كان بمثابة «رد جميل» لخاشقجي الذي وقف الى جانب قطر عندما حوصرت العام الماضي، ودفع ثمن وقوفه ودفاعه عن «الإخوان المسلمين»، واوقف عن الكتابة في صحيفة «الحياة». هذا ما ألمحت إليه «الجزيرة»، عبر تقرير أشبه بالمرثية، سرد أبرز محطات خاشقجي المهنية، وصولاً الى إختيار منفاه في واشنطن.



ووسط صمت مطبق، من كبار الكتبة والصحافيين السعوديين، تعليقاً على خبر إغتيال خاشقجي، اكتفت «العربية»، بنشر فيديو ادعت فيه أن خاشقجي لم يكن داخل القنصلية، وخبر آخر، يتحدث عن وصول وفد سعودي الى تركيا، للتحقيق في حادثة إختفائه، مع التنويه بـ «حرص المملكة على سلامة مواطنيها»! من دون التطرق الى ما يتم تداوله في الصحافة العالمية من أنباء ومعلومات تدين السعودية وتشجب قتلها للصحافي السعودي.