الأسبوع الماضي، برز «كلنا للوطن» (إنتاج شركة «هاي وايز برودكشن» لسناء قزي وكالين ناصيف - إخراج سامر دادانيان)، على «الجديد» ضمن برمجتها للخريف. سار البرنامج عكس التيار السائد على القنوات المحلية التي اتكأت على لعبة التعري والجنس والفضائح لإستجلاب الجمهور. بدا أنّ «كلنا للوطن» يغرّد خارج السرب، ويعيد إحياء مساحة تلفزيونية مفقودة على الشاشات. في الحلقة الأولى، تبارى فريقا «طرابلس»، و«بيت مري»، وتبادلا الزيارات والمعلومات عن المنطقتين. حضر كل من النائب السابق مصباح الأحدب، والخبير القانوني غسان مخيبر، ليقودا فريقهما. هذه المرة، بدت الحلقة الثانية بنكهة مختلفة. ضيفاها الإعلامي عماد مرمل، والكاتب والمخرج شربل خليل، وإنتماؤهما الى بيئتين ومنطقتين، تبعدان بالجغرافيا وحتى في الأيديولوجيا، مما أسهم في إرتفاع أسهم «كلنا للوطن».


إذا ما وضعنا قواعد لعبة البرنامج، جانباً، فإن ما ظهر من حوارات وحتى ردود أفعال من كلا الطرفين، يسهم بالتأكيد في إعادة صياغة وطنية جديدة. بين بلدة «حراجل» (جرود كسروان) التي ينتمي إليها خليل، و«الطيبة» (جنوب لبنان)، ربما هناك مسافات ضوئية تفصل بينهما، في الفكر والنظرة الى الآخر. لكن البرنامج الذي يتولى تقديمه كارلوس عازار، نجح في جمع هاتين البلدتين، وبث روح التشارك بين الفريقين، اللذين اكتشفا تفاصيل لم يكونا على علم بها سابقاً.
مررت خلال الحلقة المذكورة عبارات باتت بحكم «الكليشيه»، والموروثات، تختزل خزاناً وافراً من الأحكام والسلوكيات تجاه الآخر. عبارة «الغرّيب» (بلكنة كسروانية)، حضرت اثناء الحوارات الدائرة في الاستديو، كما انتشرت عبارات ومشهديات تعرّف إليها «الفريق الكسرواني»، من خلال زيارته لبلدة «الطيبة» الجنوبية. كانت المرة الأولى التي تطأ فيها أقدام الفريق الجدار الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، هكذا قام الفريق المذكور بأخذ صور السلفي من هناك، وأعاد سرد إنطباعاته لما انتهله في هذه الجولة، من روح للمقاومة ظلت هناك، ومن تضحية أبناء الجنوب، وتقديمهم الغالي والنفيس لتحرير أرضهم من الإحتلال الإسرائيلي. على المقلب الآخر، اختبر فريق «الطيبة»، سحر «حراجل» وكنائسها، وكان لافتاً هنا، ما قاله قسّ البلدة للفريق لدى سؤاله إياهم «هل أنتم لبنانيون؟». كما شهدنا أعضاء الفريق يختبرون دق جرس الكنيسة والإستمتاع بهذه اللحظة.
--
*«كلنا للوطن» كل جمعة عند الساعة 21:30 على «الجديد».