أفرز لغز إختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي منذ 15 يوماً، مشهداً إعلامياً انشطر الى 3 أجزاء. جزء اقتنص الفرصة للإنقضاض على المملكة، كقطر وأذرعها الإعلامية، وجزء آخر أراد فعلاً تقصي حقيقة خاشقجي وما الذي حصل معه في القنصلية السعودية في اسطنبول، ومعرفة المسؤول عن تصفيته كالإعلام الغربي. أما الجزء الأخير فيتعلق بفئة الصامتين/ات، أو الرماديين/ات، الذي تريثوا في الإدلاء بآرائهم حرصاً على علاقتهم بالسعودية، أو في أقصى الحالات راحوا يقزمون فعلة السعودية، ويحددون إطار إجرامها بما قامت به مع خاشقجي حصراً. الإعلام السعودي المستنفر منذ اللحظة الأولى دفاعاً عن المملكة، وأمرائها، بدا أيضاً في حالة تخبّط لشدة ما نشر من روايات متضاربة، وأخرى غير منطقية، عدا «إستخدامه» عائلة الصحافي السعودي كورقة «رابحة» لدحض الدعاية المضادة التي لم توفر وسيلة الا وانهالت فيها على المملكة إتهاماً مباشراً بالضلوع في اغتيال خاشقجي وقتله بأشنع الطرق.



قبل أيام، انهالت حملات من نوع آخر، سرعان ما انتشرت الأخبار ـ بتحريك سعودي واضح ــ ببدء دول ومنظمات وحتى شخصيات عربية ولبنانية على حدّ سواء، بإعلان «تضامنها» مع السعودية، في وجه «ما تتعرّض له من حملة ممنهجة تريد الإساءة اليها». من الأردن فالإمارات، فمصر، بالبحرين، فعُمان، مروراً بسعد الحريري، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وغيرهم، جوقة تحرّكت سريعاً، على المنابر وأيضاً على المنصات الإفتراضية. ومن أبرز المطبلين لهذه الحملة و «المتصدي» لها، الصحافي نديم قطيش. إذ يدأب قطيش على نشر فيديوات وتغريدات داعمة للمملكة، يمدح بها ملكها وولي عهدها. تغريدات أثارت الرأي العام، بسبب تزلفها وتملّقها المشكوف، وخروجها عن أي منطق يذهب به الى هذا الحدّ من الدفاع المستميت والأعمى، وهو الذي يعتاش على فتات المملكة. وقبل قطيش، نشط صحافيون سعوديون معروفون في سبيل الدفاع عن مملتكهم، عبر التشكيك برواية تصفية خاشقجي، ووضع المسؤولية على مجموعة مارقين قاموا بهذا العمل. وظلت فئة تتسم بالرمادية، مع أنّها لطالما رفعت شعارات وقضايا حرية الصحافة والحريات العامة. ظل هؤلاء أسرى صمتهم المدّوي، وآثروا أن يختفوا خلف جدرانهم الإفتراضية، كرمى لعيون المملكة.