الأم الجامايكية، التي كانت تعمل كمدّرسة في «الجامعة الأميركية في بيروت»، لم تكن بلادها تملك قنصلية أو سفارة هنا، بسبب الاستعمار البريطاني لبلادها، فكان التوجه يتم عبر السفارة البريطانية لتخليص المعاملات. بعد وفاة الوالدين، قررت آماليا أبي صالح تبنيها، لشدة وفائها لأمها أي صديقتها المقرّبة. عندما تزوجت بدمج زواجاً مختلطاً، حاول الأخير وضعها على خانة عائلته لكنه لم يستطع، بسبب انتمائه الى الديانة الإسلامية. لكنّ أبي صالح استطاعت استثمار شهرتها في التمثيل والظهور التلفزيوني، وتقنع مدرسة «غران ليسيه» وقتها بتسجيل جيسيكا هناك من دون أوراق ثبوتية، إلى أن أتت الحرب الأهلية. بعدها، بدأت «بدور» بقرع كل الأبواب، وزارت الرئيس الأسبق الراحل الياس الهراوي، والسابق أيضاً اميل لحود الذي قال لها آنذاك بأن الأمر يحتاج إلى قرار من رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة. وبسبب المناكفة والكيدية بين الطرفين، عادت أبي صالح خائبة من جديد، إلى حين دخول لبنان فترة الفراغ الرئاسي، ومجيء ميشال سليمان رئيساً للجمهورية (2008)، ودخولها في دوامة المرض والعجز. لم تكن جيسيكا أبداً بعيدة عن الأضواء بدورها، فقد عرفها الجمهور في بداية الثمانينات في مسلسل «المعلمة والأستاذ» (سيناريو وحوار : إبراهيم مرعشلي) لدى مشاركتها إلى جانب والدتها بالتبني، إلى جانب مشاركتها في أعمال وعروض مسرحية للأطفال، وكانت لها لاحقاً سلسلة إطلالات إعلامية إلى جانب نجوم معروفين.
قررت الممثلة اللبنانية تبني جيسيكا بعد وفاة صديقتها المقربّة
قصة «جيسكيا غرينتش» كما يشي اسمها بريطانياً (جراء الاستعمار البريطاني لبلادها)، مهدورة الحقوق اليوم، ولا تستطع حتى دخول مستشفى إن مرضت. هنا يروي شقيقها ربيع لنا كيف يستعيض عن غياب أوراقها الشخصية باستثمار علاقته بشخصيات ذات علاقة مباشرة بالقطاع الصحي كي يدخل شقيقته بالتبني المستشفى للعلاج. أيضاً، هي محرومة من حق الزواج لفقدانها هذه الأوراق، بل إنّها لن تستطيع الحصول على قبر ـ إذا توفيت ـ بسبب اللغط الحاصل حول ديانتها الإسلامية والمسيحية! إنّها مأساة بالفعل، وبالتأكيد تخص آلاف الأشخاص مكتومي القيد في لبنان، إلى جانب جيسيكا، الذين يفتقدون إلى أدنى معايير العيش والحقوق المكتسبة كمواطنين في هذا البلد الذي ولدوا فيه. وآخر فصول هذه القضية وفق ما يقول لنا ربيع دمج أنّ الأمن العام رفض التجديد لها (تُعامل جيسيكا كما سائر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان) من دون سبب، وهذا أمر إضافي يزيد على كاهل مأساتها مأساة أخرى!