صورة الحافلة الصهيونية المحترقة التي استهدفتها الفصائل الفلسطينية المقاومة، أمس الاثنين في منطقة أحراش مفلاسيم (شرق جباليا - شمال قطاع غزة)، لا شك أنّها خُلّدت في الذاكرة. الصورة التي أعادت نبض المقاومة لدى الشعوب العربية النائمة، وتداولها مئات الناشطين من حول العالم على المنصات الافتراضية، اعتمدت على الفيديو الحيّ، على طريقة توثيق المقاومة اللبنانية لعملياتها العسكرية خلال الاحتلال الإسرائيلي للبنان قبل عام 2000. الصورة التي هزّت الكيان الصهيوني ونقلتها قناة «الأقصى» التابعة لحركة «حماس»، تتقاطع مع الصورة الحيّة التي شكّلت في عدوان تموز 2006 جزءاً من انتصار المقاومة على «إسرائيل». فقبل 12 عاماً، خرج الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مباشرة على «المنار»، وأعلن ساعة الصفر لاستهداف البارجة العسكرية الصهيونية المتمركزة قبالة الشاطئ اللبناني. شكّلت هذه اللحظة سابقة في التكتيك الإعلامي العسكري للمقاومة، وساهمت في اقتراب بشائر النصر.

فيديو «الأقصى» أمس، كان شبيهاً إلى حد بعيد بمشهد 2006. إذ إنّه وثّق مسار الحافلة العسكرية الصهيونية، ولحظة استهدافها بصاروخ «كورنيت» موجّه من قطاع غزة، ومقتل الجنود داخلها. هذا ما أكدّه معلّق الشؤون العربية في القناة العاشرة الإسرائيلية، تسفي يحزكلي، مؤكداً أنّه «على طريقة حزب الله صوَّرت حركة «حماس» إصابة الحافلة بصاروخ خارق للدروع». تقاطع المشهدية البطولية أمس في غزة مع محطات مضيئة من تجربة المقاومة اللبنانية، لم يقف عند هذا الحدّ. فبُعيد شنّ الصهاينة عدواناً على غزّة، وتعمّدهم تدمير مبنى قناة «الأقصى» بالكامل، كنوع من الانتقام من شريط الحافلة، عادت القناة بعد دقائق قليلة إلى البث. أمر ذكّرنا بما حصل مع استهداف قوّات الاحتلال الإسرائيلي لمبنى «المنار» (2006)، وعودة المحطة اللبنانية إلى البث بعد دقائق قليلة، وإعلانها عبر «خبر عاجل» ما أصاب مبناها.
وفيما كان روّاد السوشال ميديا «يزغردون» أمس عبر هاشتاغ #غزة_تقاوم، كانت الأنظار متجهة نحو «الجزيرة» التي «تجاهر» بدعمها للمقاومة الفلسطينية بوجه العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، بينما تمعن بزيادة جرح القطاع المحاصر وأهله عبر استضافة وجوه صهيونية تسوّق للبروباعندا الإسرائيلية. ولعلّ استقبال الناطق باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي أمس، كان سقطة مدّوية للشبكة القطرية التي لم تستح في لحظة بطولية عالية تقودها المقاومة الفلسطينية، وتعمّدت بثّ السموم على الشاشة.