لم يختلف تعاطي وسائل الإعلام المرئية ليلة السبت في بلدة «الجاهلية» (قضاء الشوف)، مع ما دأبت عليه سابقاً في حوادث مشابهة. الحادثة الأمنية التي كان يمكن أن تنحدر تجاه إشعال فتنة أهلية، أسهم الإعلام في تزكيتها بدل إرساء منطق التهدئة، إضافة الى الترويج لروايات متناقضة الى حد كبير، وقف بينها المتابع حائراً: من يصدق؟وأين تكمن حقيقة ما حصل في البلدة الشوفية؟ كل ذلك بدأ أول من أمس، على وقع الأخبار العاجلة المتلاحقة، عن اشتباكات حاصلة هناك، بين «القوة الضاربة» في «فرع المعلومات»، وحراس رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، على خلفية استدعاء الأخير من قبل النيابة العامة التمييزية، بموجب مذكرة من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. طبعاً، أرتال ناقلات الجنود المصفحة، وذهاب قوة خاصة من «المعلومات» لجلب وهاب للإدلاء بإفادته، أمور خلّفت استغراباً وشكوكاً حول نية هؤلاء، تضاف اليها استشهاد مرافق وهاب الخاص محمد بو ذياب وتشييعه أمس. وسط تعتيم مقصود، أو غير مقصود، ظلت «الجديد» القناة الوحيدة بين زميلاتها، تنقل بما توفر لها من صور ثابتة (شاب الحادثة افتقار للصور الحيّة) منتشرة على المنصات الافتراضية، في انتظار وصول مراسلتها نانسي السبع الى «الجاهلية». التغطية الحيّة التي استمرت طيلة ساعات، فيما بقية القنوات مستمرة في برمجتها المعتادة كأن لا شيء يحدث في «الجبل»، استمرت لليوم الثاني على التوالي.


هكذا، قررت المحطة تخصيص كل هذا الوقت، لمواكبة ما يحصل هناك، حتى لو تخلل هذا الوقت، «تعبئة هواء»، أو فتحه لجمهور غاضب، يشعر في دارة وهاب، بأن «كرامته مستباحة» وعليه إستنهاض همّم أبنائه تحت شعار «الدم بالدم»! تغطية قد تكون نجحت في البداية، في جذب المتابع، إزاء حدث أمني، غير معروف الإتجاه الذي سيرسو عليه. لكن في اليوم التالي، ومع تسمر كامير «الجديد» في مواكبة لجنازة بو ذياب، بدا الأمر خارجاً عن المنطق والتفسير. القناة التي وقعت في أفخاخ عدة خلال هذه التغطية، لم تنتبه لما تخلفه كل صورة، أو كلمة، في بلد يرقص على حافة الهاوية. نهار السبت الماضي، بثت صوراً اسندتها الى ما يحصل في البلدة الشوفية وكانت عبارة عن صور لإحتراق مراكز للجيش، تبين لاحقاً أنها تعود لما حصل في «حي الشراونة» في بعلبك، ولا دخل لها بأحداث «الجاهلية»، إضافة الى ادعاء المحطة بأن وهاب اتصل بها، وأخبرها بأن «حزب الله» تواصل مع الحريري، وأسمعه بأن ما يحصل يمكن أن يؤدي الى حرب. تبين أيضاً هنا، أن الخبر مغلوط، وأن الحزب تواصل مع جهة قضائية للاستيضاح والتنبيه لخطورة ما يحصل. وبعد «إستفراد»، «الجديد»، قامت lbci، بالمواكبة متأخرة. فتحت هواءها لمتابعة حدث «الجاهلية»، وبقيت المحطتان، ترددان طيلة النهار والليل، ما يحصل فوق، كأن هذا الحدث، أريد له أن يتضخم، أو يأخذ أكبر من حجمه، في التغطية، التي شابها أمس، أيضاً، وكما جرت العادة، إقحام لعدسات الكاميرا لخصوصيات أهل المغدور، حتى أنها انتهكت كرامة الأخير، ودخلت لتصور جثمانه حيث يسجى. وبين هذا المشهد الذي غلّبت عليه المنافسة، حضرت «المستقبل» بعددها وعديدها، لتدحض رواية وهاب، وتدعي أنه «فرّ هارباً من وجه العدالة»، لدى مجيء «فرع المعلومات» الى منزله، وأن مرافقه أصيب «بنيران صديقة» لا من سلاح «المعلومات».