نال فيلم «ابن الإمام» (80 دقيقة -4 أجزاء) أخيراً جائزة «أفضل فيلم وثائقي» في «مهرجان عمار السينمائي الشعبي» (مهرجان الأفلام الشعبية) الإيراني في دورته التاسعة. يتناول العمل سيرة ومسيرة العلامة عارف الحسيني ( 1946-1988)، عالم الدين الباكستاني، ومن خلاله تحاك القصة حول الدور المحوري لباكستان، ضمن رواية مطموسة إعلامياً، تشكل جزءاً من ذاكرة طبعت حقبة بأكملها، وامتدت خارج الحدود لتصل أصداؤها حتى الى لبنان. اللبنانية مريم جمعة التي تولت الأبحاث حول هذه الحقبة قالت لنا إنّ العمل (اخراج الباكستاني محتشم علي نقوي- سيناريو ومونتاج: مريم جمعة)، يهدف إلى استقطاب «جمهور عالمي»، تسقط من ذاكرته «شخصية مغيبّة (الحسيني) كفكر وكأيقونة»، وتعريفه على تاريخ باكستان، وبدايات الحركات المقاومة هناك، ضد «المدّ التكفيري»، وتعاظم النفوذ الأميركي لاحقاً هناك. استغرق اتمام الفيلم عامين، من البحث والتصوير في باكستان، وملاقاة شخصيات هناك عاصرت الحسيني «الشخصية الجامعة». «ابن الإمام» والمقصود هنا، الحسيني بوصفه تلميذاً للإمام الخميني، يهدف أيضاً ـ بحسب جمعة ــ الى كسر الصورة النمطية عن باكستان، كمنطقة تختصر بأعمال الإرهاب والتفجيرات، وايضاً لربط هذا البلد، بخط يخرج عن الجغرافيا، ليطال كل أصحاب الحق في العالم، أو ما يطلق عليهم لقب «المستضعفين في العالم» (الحديث عن تزامن ثورتين في باكستان وإيران دون رابط بينهما). في الجزء الرابع، يربط الماضي بالحاضر، وتظهّر حقيقة الإنقسامات الدائرة اليوم في العالم، وتأثيرها السلبي، كما يكشف اللثام عن علاقة كانت تربط الحسيني بالمقاومة اللبنانية، عبر خطّ أمين عامها السابق الشهيد عباس الموسوي. يسرد هذا الجزء لهذه العلاقة، ولزيارة الحسيني الى لبنان. تخلص مريم جمعة، في هذا الشريط الى القول بأنه قبلاً وتحديداً في فترة الثمانينيات (الفترة الذهبية)، في بلدان: باكستان، أفغانستان، إيران، البوسنة والهرسك وغيرهم، كانت القضايا جامعة ووحدة في الحركات الثورية، في ظل غياب وسائل التواصل كما يحصل اليوم، إذ ساعد هؤلاء بعضهم لوجستياً ومعنوياً، متناسين الجغرافيا والأعراق والإنتماءات. تستشهد جمعة هنا بتجربة الإمام موسى الصدر، كتجربة شبيهة بتجربة الحسيني في توحيد الصف والعدو، وكشخصية جامعة، مع أنّه لم يكتب لها أن تستكمل. تتوجه على الدوام الى الميديا الغربية، التي غيبت هذه القضايا، وأثرها على الشعوب، لنضحي اليوم على هذه الصورة المتناثرة.