في كل مرّة، يقرّر خضر علاء الدين إعادة الحياة إلى مسرح شوشو، تفرض الظروف الأمنية في البلد عليه عدم الإستمرار سوى لفترة وجيزة. إذا كانت مسرحية «وصلت لـ 99» (2009) كتحية لوالده الراحل حسن علاء الدين، استطاعت الصمود بضعة أسابيع، إلاّ أن مسرحيته الجديدة «ويلٌ لأمة» التي أطلقها في أواخر شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لم يقدّم منها سوى سبعة عروض على خشبة مسرح قصر «الفرساي» في الحمرا.
هكذا، أوقف إبن «مؤسس المسرح الوطني» مع المخرج نزار ميقاتي، عروض مسرحيته الأخيرة بصورة مفاجئة، بعدما تعثرت انطلاقتها بسبب مصادفة تزامن عرضها الافتتاحي مع يوم إغتيال الوزير السابق محمد شطح. بصرف النظر عن مستوى النصّ الذي لم يتمكّن جمهور واسع من متابعته للحكم عليه، يبدو توقف العمل مستغرباً بعدما إتفق شوشو الإبن على تقديم ثلاثة أشهر على الأقل مع إدارة المسرح.
لسنا أمام عمل استثنائي، ولم يدّعِ خضر بأنه كتب نصّاً خارقاً، لكنه أراد من خلال عودته إلى الخشبة، رسم الضحكة على وجوه أتعبتها السياسة والاضطرابات الأمنية. هي حكاية الدكتور شوشو الذي يخطّط للزواج، وما يجري أثناء التحضيرات لهذا اليوم الموعود، في قالب شعبي كوميدي. وكانت الأسماء التي ضمّها إلى عمله الأخير تبشّر بولادة عمل جيد، خصوصاً أنه إتفق مع نجوم من الزمن الجميل أمثال آمال عفيش، جورج دياب، جمال حمدان، فادي الرفاعي، سامي ضاهر، هشام أبو سليمان، ناجي شامل، ملكة غطاس، إلسي دواليبي، ضياء منصور، وبمشاركة علي طحان الذي كان من المفترض أن يطلّ في بعض العروض بدلاً من الممثل خالد السيد.
يوضح خضر علاء الدين شوشو لـ «الأخبار» أنّ «الأوضاع في البلد أجبرتني على التوقّف سريعاً»، مشيراً إلى «أننا انطلقنا في أول عروضنا الرسمية في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ولم يمنعنا اغتيال الوزير السابق محمد شطح من إقامة الافتتاح في موعده». ويؤكّد خضر بأن الإقبال كان مقبولاً في أيام العروض الأولى، «لكن بات صعباً تقديم مسرح في هذا البلد في ظلّ الأوضاع الحالية، لأننا لا نأمّن على أنفسنا ولم نعد قادرين على التجوّل بشكل طبيعي».
كان العمل تأجّل عرضه عاماً كاملاً بسبب الأوضاع الأمنية، واستأجر صالة في مسرح قصر «الفرساي» مدة ثلاثة شهور، ودفع ثمن ملصقات إعلانية ما يقارب 100 ألف دولار، وكان يحرص على دفع مبلغ ولو رمزي للممثلين أثناء البروفات. يرفض علاء الدين أن يقال بأن قراره إيقاف العمل غير منطقي، «البلد كله ليس منطقياً، ونأمل كل يوم أن يحصل ما يغيّر الظروف»، معتبراً «أنها كانت مغامرة غير محسوبة أن نقدّم مسرحاً في هذه الظروف، ولم أعد أقوى على المغامرة، ولا أريد أن أكذب على أحد». لا يستبعد الرجل عودة العروض فجأة كما توقفت فجأة، لكنه يفضّل عدم إعطاء موعد لهذه العودة، علماً أنه من المفترض أن يقدّم عرضاً على الأقل من «ويل لأمة» لتسجّله «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، بعدما ظلت تعرض إعلاناته الترويجية لأسابيع عدة. بعد أيام على توقف العمل، خرجت أصوات تقول بأن خضرء علاء الدين وضع المبلغ الذي دفعته الجهة المنتجة (يرفض تسميتها)، في جيبه وأوقف المسرحية. يعلّق «ضميري مرتاح لأنني لم آكل قرشاً على أحد». يوضح «استأجرت المسرح لمدة ثلاثة أشهر، إنما مسؤولياتي تمنعني من أن أكمل، ومن له مال في ذمتي فليأتني ويطالبني». هل ستعود المسرحية قريباً أم هي مجرد أمنيات يردّدها خضر؟ يترك الإجابة على هذا السؤال معلقاً قائلاً «إذا تشكّلت الحكومة، وحدث انفراج سياسي وأمني، ربما نعود، وكل المعدات من إضاءة وملابس وتجهيزات ما زالت موجودة داخل المسرح». ويختم قائلاً «خفت من الاخفاق في إلتزاماتي، ففضّلت التوقف».