قبل ثلاثة أعوام، أطفأت «السفير» أضواءها، معلنة إقفال أبوابها نهائياً. منذ تلك اللحظة، بدأ مشروع إعلامي آخر يتبلور، الى حين إبصاره النور أمس. موقع «أوان»، الذي يديره الصحافي والأكاديمي ربيع بركات، انطلق أمس، أمام المتابعين/ ات، طارحاً نفسه مساحة مختلفة عن تلك السائدة في عالم الصحافة الورقية والالكترونية. بركات الذي تولى قبلاً منصب محرر قسم «الرأي» في «السفير» (بين عاميّ 2014 و2016)، يدخل اليوم، في مغامرة، لا يعرف ما إذا كانت محسوبة في عالم إعلامي عربي، ما زال في طور التشكّل على الصعيد الإلكتروني، وتحكمه أيديولوجيات متصارعة، ورؤوس أموال تدير دفته. في حديث مع «الأخبار»، ينطلق الصحافي اللبناني من هذا الواقع، لينصب جهده في أن يحتل «أوان» مساحة ضمن إطار من التغيير والإستقلالية، والحرص على ديمومته في آن. التمويل «ذاتي» لمنصة إلكترونية إعلامية، تطرح نفسها كمساحة مستقلة خارج «قائمة الريع السياسي لتمويل عملية الإنتاج»، كما دوّن في مقالته على الموقع. لكن ذلك لا يمنع بأن تستخدم وسائل للتمويل ولإنتاج المضمون مع الحفاظ على هذه الإستقلالية. طبعاً، معادلة صعبة، يدخل فيها «أوان»، مع فريق ما زال «قيد التبلور»، ويتبدل تبعاً لظروف كل فرد منه. لكن هناك أسماء ثابتة وأخرى ستنضم الى الموقع الوليد، من ضمنها: بيسان طي (لبنان)، ثاثر ديب (سوريا)، سنان أنطون (العراق)، رامي كوسا (سوريا)، عبد الله زغيب (البحرين)، وعمر الشوبكي (مصر)... فريق تجمعه سياسة تحريرية تتكئ على «إنتاج إعلامي نقدي مستقل»، في محاولة ـ كما يلفت بركات لـ «الاخبار» ـ الى «الخروج من أنماط الإستهلاك السائدة»، التي تعتمد على الإنتاج الريعي وتعبّر عن سياسات الدول... والتاقلم مع التحولات التي يعيشها عالم الصحافة، في ظل تراجع الورق، والتقدم الرقمي، الذي يطرح بدوره تحديات جديدة، ويضع على كاهل الفريق، تكاليف إنتاجية، متعلقة بالمواد البصرية، وإبتداع طرق توضيب الرسائل وتكثيفها وترشيقها.المنصة الإلكترونية، تخرج عن أطر التحديث اليومي للأخبار، كونها مساحة للنشر الأسبوعي، لمواد ثقافية وفكرية لا تتقيد بالآنية (يضم التبويب: «جدل»، «مدّونة»، «سلطة خامسة»،«ثقافة»، و«رأي وتحليل»)، تستهدف بحسب صاحبها «جمهوراً عربياً مشرقياً»، من خلال مساهمات العديد من الكتّاب، من بلدان عربية مختلفة (فلسطين، لبنان، المغرب، سوريا، مصر...)، وتحاول الخروج من لعبة الإستقطاب السياسي، من دون أن «تتنازل» عن دعمها للقضايا العربية على رأسها فلسطين. لكن كيف سيتجلى هذا الأمر؟ هل ستحمل المنصة الإلكترونية، خطاباً مباشراً لبلورة هذا الدعم؟ يجيبنا بركات بأن «أوان» ليس «بياناً حزبياً»، ولديه هوامش في سياسته التحريرية، وخطاب «الدعم» إن صح القول، سيتجلى بشكل ضمني، عبر المقابلات والمقالات، مع فتح مساحة أوسع، للنقاش والجدل على متنه، بين طرفين مختلفين على سبيل المثال حول رؤيتهما لأطر الإصلاح في بلادهما، بغية خلق «مساحة مشتركة».
ومع ذلك، يبدو أن منسوب التفاؤل يطغى على المشروع، رغم ما يحيط بالمهنة، ودوام استمراريتها، من تعقيدات. يكتفي القائمون على «أوان» الذي تأخذنا عبارته الى «الراهن الحالي»، الى طرح هذا المشروع في الفضاء الإلكتروني، والتعاطي معه الى حين «ابتداع بدائل». وفي حال تعثرّ، يكون قد شكل على حد تعبير الأكاديمي اللبناني «حجراً مرمياً في مياه (..) هذا المشرق العربي».