بين الحب، والحرب، والزواج، خلطة لا يجيد طهوها ـــ إن صح التعبير ــــ الا الإعلامي زافين قيومجيان. الأخير يدأب على الجمع بين التوثيق وتطويعه في لعبة الآنية. يبرع في البحث عن التفاصيل وإخراجها الى الجمهور، بحرفة واضحة. يوم الجمعة الماضي، كنا على أبواب الذكرى الأربعة والأربعين للحرب الأهلية اللبنانية. محطة سنوية، يسعى قيومجيان، الى التفتيش عن زواياها غير المرئية للعامة، وبث المتعة في ما بعد، بعيد إعادة انتاجها. هذه المرة، ركز «بلا طول سيرة» (المستقبل)، على تيمة الحب والزواج في زمن الحرب. قد يكون العنوان «كليشيه»: «الحب والحرب». لكن استقدام شهادات ارتدت بزة العرس في زمن الاقتتال، وأصوات المدافع، والقناصين، وتحدت الموت بالفرح هي بلا شك مختلفة. حلقة مسكونة بالنوستالجيا لأناس غامروا بحياتهم كرمى لحب جمعهم بشريكهم. تيمة الحب، والصور الفوتوغرافية التي شكلت الخيط الأول للبحث عن أبطالها، لطالما شغلت الصحافة العالمية في بيروت. وها هو زافين يعيد سردها على لسان أبطالها. التقى المصوّر جوزيف براك، بالثنائي أنجيلا وهاغوب بعد 30 عاماً، بعيد التقاط صورة تذكارية لهما توثق زواجهما عام 1989. لقاء أعاد فيه المصوّر التقاط صورة أخرى لهما، بعيد مرور كل هذه السنوات. قصة أخرى سردت في الحلقة، بطلتها كاتيا طرابلسي، صاحبة أشهر صورة في الحرب الأهلية مع زوجها. روت كاتيا، كيف استعانت بصديقها المصّور روجيه مكرزل، ليلتقط الصورة، عام 1989، لعروس ترتدي الفستان الأبيض، وخلفية الصورة، مجموعة متاريس مصنوعة من الرمال. قصص الحرب لا تنتهي، ولا تنتهي معها قصصها المشّوقة، خاصة بعد مرور أكثر من أربعين عاماً على إندلاعها. الى جانب قصص الحب والزواج، برزت قصة المسعف سمير السعدي المؤثرة. الأخير الذي وضع دمه على كفه طيلة الحرب، تحدث عن هذه الجرأة الآتية من قصة والده الذي مات من دون أن يعرفوا مكان جثته. السعدي أطلعنا على أنه كان من أوائل الواصلين إلى المخيم بعد حدوث مجزرة «صبرا وشاتيلا»، وكيف أضحى اسمه مرادفاً لكل إنفجار يحدث. ومن المفارقات الذي ذكرها، قصة إنقاذه طفلاً اعتقد أنه ميت ووضع في ثلاجة المستشفى، وإذ به يتحرك، وينقذه السعدي، وهو يعيش اليوم، ولديه ستة أولاد. لعلّ الحرقة التي برزت كانت في نهاية اللقاء معه، فالمسعف الذي أنقد حياة كثيرين ودفع ثمن ذلك إصابات متفرقة في جسده، لا أحد ينقذه اليوم، ولا يملك أي ضمان صحي في حال اضطر للدخول الى المستشفى!