النكبات التي مرّت على سوريا، أفرزت حالات فنيّة خالدة، منذ أيّام «مسرح الشوك» وصولاً إلى «الكباريه السياسي» عقب هزيمة عام 1967 والذي قاده الراحل محمد الماغوط بشراكة الكوميديان دريد لحّام، إلى جانب المقترحات التلفزيونية لفرجة استثنائية قوامها حارة شامية سبكت أحداثها كاركتيرات صنعها معلّم السيناريو الراحل نهاد قلعي، ولا تزال نابضة بالحياة حتى اليوم رغم رحيل غالبية من جسّدوها. لكن خلافاً لذلك، فإن الحرب التي سحقت سوريا أخيراً، لم تُترجَم تلفزيونياً بصيغة كوميدية ساخرة رغم فيض الأحداث، وإمكانية واسعة لبناء مشاريع «الكوميديا السوداء». قدّمت خلال سنوات الأزمة الكثير من الأعمال، فيما لم تنج إلا استثناءات قليلة من مطبّ التهريج والتصنّع...
أمل عرفة في مشهد من «كونتاك»

هذه السنة لا تزيد على سابقاتها بخصوص الخلل الواضح في هذا الحقل، إلى درجة أنّ المشاهد تابع قبل شهر الصوم على تلفزيون «لنا» لوحات غالبيتها عادية حملت عنوان «ببساطة» (عرّاباها باسم ياخور ــــ مجموعة كّتاب، وإخراج سيف الدين السبيعي)، فيما سيحظى بعملين ينتميان إلى المدرسة نفسها، ويبنيان بالأسلوب عينه. الأول هو «كونتاك» (ورشة كتّاب بإشراف رانيا الجبّان، وإخراج حسام الرنتيسي، وإنتاج «إيمار الشام» ــــ بطولة: أمل عرفة، محمد حداقي وحسام تحسين بيك... ــــ «لنا») العبارة عن لوحات كوميدية متصلة منفصلة تعتمد على سبعة أنماط ثابتة مع تدوير مستمر للحكايا التي تنتقد الظواهر الاجتماعية السلبية التي أفرزتها الحرب. أما العمل الثاني، فهو استمرار لسلسلة «بقعة ضوء»، ويحمل هذه السنة الرقم 14 (مجموعة كتّاب، ومعالجة درامية أحمد قصّار، وإخراج سيف الشيخ نجيب ــــ «سما»).
ربما أهم ما يميّز هذا الجزء ما قاله لنا مخرجه عن «مجموعة كبيرة من الأفلام التلفزيونية القصيرة، الرشيقة والمكثفة واللمّاحة التي تمنح لصانعها شرطاً ممتعاً للغاية، لذا فإنني مطالب ببذل جهد مضنٍ، وخصوصاً أنّ الجمهور ينتظر هذا العمل كل عام، بعدما صار حضوره فولكلورياً، كونه عبارة عن سلسلة لها قالب، وشكل، وهوية محددة، من ناحية الفواصل، والموسيقى التصويرية، والشارة». وأضاف: «جميعها عناصر صارت بمثابة ماركة مسجلة بالنسبة الى الجمهور لا يمكن اللعب بها، أو تعديلها»، علماً بأن هذا الجزء لن يمسّ بسلك الشرطة نهائياً بناءً على طلب منتجه، إلا بلوحة واحدة يلعبها أيمن رضا.
لا تختلف هذه السنة عن سابقاتها بخصوص الخلل الواضح في هذا الحقل


على خط موازٍ، كان يفترض ان نتابع مسلسل «أحلى الأيام» (جزء ثالث من «أيام الدراسة» ــــ إخراج سيف الشيخ نجيب وكتابة طلال مارديني الذي يتشارك البطولة مع معتصم النهار، ويامن حجلي، وخالد حيدر، ووائل زيدان، ومديحة كنيفاتي، ومازن عبّاس)، الذي خرج من السباق قبل ساعات. لم يكن المقترح تقديم جزء ثالث بدقيق العبارة، وإنّما ملاحقة مصائر شخصياته الرئيسة في شرط مختلف، وبيئة جديدة، بغض النظر عن الحبكة الأساسية التي كانت تدور في المدرسة أو الجامعة. ماذا سيحل بهؤلاء الأبطال بعدما توجهوا للعيش في الإمارات؟ وكيف ستكون يومياتهم؟ بمعنى أنّه تم تطوير الطرح بما يتناسب ليس فقط مع التقدم العمري الذي طرأ على نجوم المسلسل. إضافة إلى هذين العملين، أنجز مسلسل لايت بعنوان «حركات بنات» (كتابة سعيد الحناوي، وإخراج سليمان معروف، وإنتاج شركة «شقرة» ــــ بطولة: رنا الأبيض، جيني إسبر، دانا جبر وليليا الأطرش)، لكنه أرجئ أيضاً. المسلسل «سيت كوم» متصل منفصل عن عائلة مؤلفة من خالة وثلاث فتيات ينتقلن للعيش معها بعد وفاة والديهن. يتقدم أحد الشبان الأغنياء لطلب الزواج من الخالة، ليظهر لهن لاحقاً فقر حاله، وتبدأ المشاحنات ضمن مواقف طريفة.