متأخراً ربما، لاقى مسلسل «انتي مين؟» (كتابة وسيناريو كارين رزق الله- اخراج: ايلي حبيب-mtv) الأصداء المطلوبة وحقق النجاح الجماهيري الذي يستحقه. الكلام عن المسلسل قد يطول ولا يفيه حقه. نحن أمام عمل صنع باتقان، وبعمق شديد، وبقرب لصيق من الواقع اللبناني الأكثر اتساعاً على الخارطة المحلية. الى جانب الحبكة الأساسية (تأثير الحرب الأهلية على المقاتلين /ات السابقين وعلى الجيل الذي بعده)، تفننت كارين رزق الله، في الحلقات الأخيرة، بتخصيص مساحات لمواضيع تغيب عن واقعنا، وأخرى تخص مكامن النفس البشرية، التي يحتاج تشريحها بالطبع الى بحث وتعمق. نتحدث عن الحلقتين السابقتين، أي تلك التي خصصتها لتحتفي بالصداقة وبأهمية السند في الحياة، سيما في المصاعب وأخرى خاضت فيها موضوع المرأة والأنوثة. في الحلقة 25، رأينا كيف وقفت «نجوى» (عايدة صبرا) الى جانب صديقتها «عايدة» (جوليا قصار) ورافقتها في الأزمة النفسية التي مرّت بها، عندما قررت خلع البزة العسكرية، والعودة الى حياتها التي سبقت خوضها غمار القتال في الحرب الأهلية. في الحلقة عينها، استندت «جهاد» (كارين رزق الله) أيضاً إلى صديقتها وجارتها «غادة» (أنجو ريحان)، عندما وجدت نفسها وحيدة في ظل حبيب تركها، وأب شبه غائب عن المنزل ينصرف لمعاقرة الخمور. فكانت احتفالية في حلقة واحدة لأهمية الصداقة في حياتنا، وانقاذها لنا في حال تعرضنا لأي مكروه أو أزمة.

في الحلقة التي تلتها، خاضت الكاتبة اللبنانية عميقاً في قضية المرأة والأنوثة. حوار مؤثر بين «نجوى» و«عايدة» عن الشعور الأنثوي الذي غادرهما عندما تحولتا الى مقاتلتين، واليوم عادت وشعرت به «نجوى» عندما ارتدت ثياباً نسائية وصففت شعرها. حوار غاص في معنى الأنوثة والجسد وحتى الجسد المبتور منه جزء (فقدت نجوى جزءاً من قدمها عندما أصيبت في الحرب) وكيفية التعاطي معه، في العلاقة مع الذات ومع الرجل/ الشريك. في الحلقة أيضاً، اضاءة على هذه التيمة عينها من منظار آخر. رأينا «سامية» (رفقا الزير) التي انتظرت أكثر من ثلاثين عاماً علّ حبيبها يرتبط بها، تخرج حقيبة صغيرة من خزانتها، خصصتها لليلة زفافها ربما، تحوي مجموعة قطع نسائية أو ما يسمى بـ «اللانجري»، تبكي متحسرة عليها، لأنها لم ترتديها وخذلها الزمن.


«انتي مين؟» 21:30 على mtv