كل المؤشرات كانت تدلّ على أن إعتكاف موظفي قسم الأخبار في تلفزيون «المستقبل» بسبب عدم حصولهم على معاشاتهم كاملة، سيتمّ خرقه من قبل الأطراف المؤيدة لرئيس الحكومة سعد الحريري. تهمة «الخيانة» لبيت الحريري وسياستهم في ظلّ معاناة الحريري المادية، كانت جاهزة وتمّ سحبها مع تصاعد حركة الاعتكاف التي وصلت إلى حد التهديد بإيقاف بثّ القناة المحلية. ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الموظفون إيصال صوتهم لإدارة الشاشة التي أسسها الرئيس الراحل رفيق الحريري في التسعينيات من القرن الماضي. فالتحرّك الأخير الذي إنطلق أوائل هذا الاسبوع نتج عنه عدم بث نشرة أخبار الساعة الثالثة بعد الظهر، وكان «مؤلماً» للإدارة. فالموظفون يتقاضون نصف راتب شهرياً، كما أن المستحقّات المالية المكسورة منذ نحو عامين، لا يُعرف مصيرها. لذلك تكاتف الموظفون معاً لحثّ الادارة على إيجاد حلّ سريع بعد تلقيهم الكثير من الوعود. من هذا المنطلق، أعلن العاملون في قسم الاخبار في تلفزيون «المستقبل» عن إضرابهم وعدم تقديم أيّ محتوى إعلامي. مع العلم أنه بداية شهر حزيران (يونيو) الحالي وقف المنتجون يداً واحدة وقالوا لا للادارة، فنتج عن ذلك تقديم نشرة أخبار قصيرة لا تتعدّى مدتها الربع ساعة. وكانت الخطوة مؤشراً إلى تدهور الوضع في «المستقبل». في التحرك الأخير أمس، تضامن المقدّمون (رغم إعتراض الاكثرية) والمراسلون مع المنتجين والمنفذين، وحجبوا نشرة أخبار أمس. هذا التحرك وصل إلى باقي البرامج التي يبثها التلفزيون، من بينها «عالم الصباح» الذي تأخر عن موعد بثه أكثر من ربع ساعة. كما بات معروفاً، فإنّ قسم الأخبار في «المستقبل» هو الوحيد المتبقّي على الشاشة التي تقدم مجموعة برامج فنية وترفيهية لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة من بينها «تيلي ستار» لكارين سلامة و«بلا طول سيرة» لزافين قيومجيان. بالتالي، فوقف الأخبار سيكون صداه أعلى. وفي آخر التطورات حول إعتصام الموظفين، فقد لعبت الوساطات أمس لعبتها، فنتج عنها تعليق الاضراب بعد إجتماع رئيس مجلس إدارة «المستقبل» رمزي جبيلي بالحريري قبل يومين. ونقل جبيلي رأي الحريري للموظفين وخطته لحلحلة الوضع، لتكون المفاجأة تعليق الاضراب بعد وعود بالحصول على معاشاتهم كاملة بدءاً من غد الجمعة. و«هدّد الموظفون بعودتهم إلى الاضراب في حال أخل بالموعد»، بناء على بيان صادر عن الموظفين. لكن «الصدمة» تمثّلت في حديث الإدارة بطريقة غير مباشرة، عن التخلّي عن نصف الموظفين في نهاية هذا الشهر. وتحجّجت الادارة بأنّ عدد الموظفين حالياً في «المستقبل» كبير مقارنة بالميزانية المخصّصة للشاشة، بالتالي يتمّ حصول الموظف على نصف معاشه. أما رأي الادارة، فعندما سيتم الاستغناء عن أكثر من مئة موظف موزّع بين تقني وصحافي، ستوزّع الميزانية على باقي الموظفين. وتلفت بعض المصادر لـ«الأخبار» إلى أن مخطط الاستغناء عن الموظفين ليس جديداً، حكي فيه قبل حلول شهر رمضان وإرتبط بقرار تعديل القناة من ترفيهية سياسية إلى إخبارية. لكن الادارة فتّشت عن حلّ يخفف من وطأة مشكلتها، فوجدت أن سحب ذلك المخطط اليوم سيكون فعّالاً. وشبّه بعضهم الوضع في «المستقبل» بأنه مسرحية جديدة، واصفاً حجة التخلّي عن الموظفين بأنها خطة كيدية وإنتقامية ممن أعلنوا «العصيان» على آل الحريري.