إذا جمعنا مقابلتي المسرحي رفيق علي أحمد الأسبوع الماضي في «منا وجر» (mtv)، والممثلة المخضرمة رولا حمادة على شاشة «الجديد» أول من أمس (برنامج أنا هيك)، لا بد أن نكون أمام مشهدية مظلمة تخص جيلهما وما قدّمه بالفعل إلى هذه المهنة التي يبدو أنّها مجحفة بحقهما وحق باقي زملائهم. رفيق علي أحمد الذي يتمتع بشخصية كاريزماتية، لا يعرف أن يهادن أو يساير على الطريقة اللبنانية. كان صريحاً في تلك الحلقة التي أرادت من خلال الإضاءة على شخصيته التي جسّدها في «خمسة ونص»، إعادة تعويم المسلسل إعلامياً بعد رمضان. وإذا بعلي أحمد يصف صراحة الوضع الحالي والأليم الذي وصل إليه كل جيله الذي يضطر في كثير من الأحيان إلى الدخول في لعبة المسلسلات التلفزيونية، حتى لو لم تكن على قدر تطلعاتهم. نجم «الجرس» آثر وقتها أن ينتقص من قيمة أعماله الدرامية تلفزيونياً، ويصفها بأنها أشبه بـ«فتح بسطة على الطريق»، ويدخل في بازارها اليوم كي يعتاش ويجني المال. الدرجة العالية من الصراحة التي فاجأت الجميع، حتى من كانوا في الاستديو وحاولوا احتواءها، قابلها مضمون مماثل من قبل رولا حمادة. غير أنّ الأخيرة باحت أكثر بكثير من اللباقة والذكاء والديبلوماسية المحبّبة. من يشاهد مقابلة حمادة، أول من أمس على «الجديد»، لا بد أن يقرأ بين السطور، ومن خلال حركة الجسد، ألماً معيّناً لدى هذه الفنانة كما بقية أبناء جيلها الذين صنعوا صفحة ذهبية من تاريخ الدراما التلفزيونية. في حلقة «أنا هيك» التي خصّصت أيضاً لمسلسل «خمسة ونص» (كتابة إيمان سعيد، وإخراج فيليب أسمر)، قالت نجمة «العاصفة تهب مرتين» بصراحة تامة أن العمل الذي شاركت فيه في رمضان 2019 هو «مسلسل لنادين نجيم»، فيما البقية تلتف من حولها. لم تكن تلك عبارة عابرة في زمن التسويق وصناعة النجوم على حساب حرفة التمثيل. كلمات تُضاف إليها إشارات أخرى مرّرتها الفنانة المخضرمة تخصّ الكتابة الدرامية وعمقها. لم تدخل حمادة في التفاصيل، بل كشفت أنّها في كثير من الأحيان تسعى إلى تعديل حواراتها لتكون مناسبة لها وأكثر عمقاً.
في زمن التسطيح والمتاجرة بالقضايا (كما فعل «خمسة ونص») والنجم الأوحد، مدحت حمادة الأعمال السورية التي تتكئ على أدوار بطولة تتوزّع على الجميع من دون استثناء، في رسالة واضحة تجاه ما تقترفه اليوم شركات الإنتاج من تركيبات في الكادرات التمثيلية الي يراد تكريسها. ويبقى ما قاله المنتج صادق الصباح في الحلقة نفسها، والذي يندرج ضمن الكلام المسيء لكل الممثلين المخضرمين الذين يعودون اليوم بخجل إلى الأعمال الدرامية. اليوم «نكتشف كباراً بقامات تمثيلية من بلادنا (..) متأخرين»، قال الصباح في حديثه عن مشاركة كل من علي أحمد وحمادة في الأعمال التي ينتجها. إذاً، هي معرفة متأخرة بأنّ في هذا البلد ممثلين/ ات لهم تاريخهم الفني يجب أن يحظوا بأدوار في الأعمال الدرامية. لكن فلننظر إلى الجزء الملآن من الكوب، وحينها نقول إن الاكتشاف المتأخر خير من جلوس هذه القامات في بيوتها!.