في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، يتمّ موقع «أوريان ٢١» (Orient XXI) عامه السادس، بعدما انطلق عام 2013، عقب الحراكات الشعبية في البلدان العربية، عازماً على ملء فراغ أحدثته التغطيات الإعلامية في معظم المناطق العربية، بفعل غيابها أو تغييبها لنقاط وقضايا أضحت منسية، على الرغم من أهميتها وتأثيرها المباشر على محيط هذا العالم. الموقع الذي يقدم نفسه، كوسيط ما بين النشرة الإعلامية اليومية، والمنصة الأكاديمية المتخصصة، يصل إلى شرائح مختلفة من المهتمين، محاولاً كسر هيمنة السياسة أو خاصية الاكتفاء بهذا الميدان في التداول الإعلامي الإلكتروني، ليحتضن عناصر أخرى، هامة في المشهد العربي والإسلامي على حدّ سواء. مسار يجمع بين الثقافة، والجغرافيا السياسية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في منطقة تقع على ضفتي المتوسط، ومصابة اليوم بدرجات عالية من التشظّي. يفعل الموقع ذلك عبر التعاون مع كتّاب ومثقفين وشخصيات ملمّة بأحوال المنطقة، لإسماع أصوات محيطهم غير المسموعة وإيصال وجهات نظرهم التي قد تسهم في تجديد الرؤية حول أوضاع المنطقة.بعد ست سنوات على الانطلاق والتغيرات التي واكبته، شكلاً ومضموناً، كيف يقيّم آلان غريش مدير مجلة «أوريان ٢١»، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، هذه التجربة؟ هل نجحت في سد فراغ إعلامي في تغطيات العالم العربي للمنطقة، لا سيما لدى الجمهور الغربي، وتحديداً الفرنسي، الذي يعتبر الحاضن الجماهيري الأكبر للموقع؟ وأين موقع المجلة اليوم على الخارطة الإعلامية؟ وما هي التحدّيات التي يواجهها لا سيما الاقتصادية، مع مجانيته وإتاحته للجميع؟
إيجابياً ينظر الصحافي المعروف بمواقفه السياسيّة الملتزمة إلى هذه التجربة، التي أطلّ من خلالها على العالمين العربي والإسلامي من «وجهة نظر غير معادية لهما». ينطلق غريش من التعليق الأخير، لينتقد النظرة الغربية الضيقة للعالم العربي، التي تنحصر فقط برؤيته من خلال «الإسلام»، أكان في السياسة أو الثقافة. يسخر من كون هذه النظرة تتيح للغرب فهم المحيط العربي! ويضيف أنه أراد «بناء جسر بين العالمين العربي والغربي» من خلال الموقع. وفي الفترة الحالية، ينصبّ جهده على تعزيز حضور اللغة العربية في هذا المنبر، إذ ينشر «أوريان 21» مواد بالعربية على مدار الأسبوع، ويصرّ على أن تكون مكتوبة بهذه اللغة في الأصل، ليصار بعدها إلى نشر الترجمة المرافقة لها. على صعيد القراء، يضم الموقع العدد الأكبر من المتابعين الفرنسيين (حوالى 50%)، ومن السكان الذين يتحدرون من أصول عربية هناك، إضافة إلى تثبيت الموقع نفسه ـ كما يلفت غريش ـــ كـ «منصة لها وزنها في أوساط المثقفين والعاملين في الديبلوماسية الفرنسية»، فيما يذهب 25% من قرّاء الموقع إلى دول المغرب العربي (شمال أفريقيا)، لا سيّما المغرب. وهذا ما يظهره التفاعل مع مواد الموقع على وسائل التواصل الاجتماعي. ويبقى الهدف الأساسي اليوم، الوصول إلى شرائح أوسع تتحدث العربية وتهتم بالموقع.
تشبيك مع سبعة مواقع إلكترونية في العالم العربي


هدف يصبو إليه القائمون عليه اليوم، لجذب القراء العرب إلى المتابعة والاهتمام بمواد الموقع. علماً أن «أوريان 21» قام بالتشبيك مع سبعة مواقع إلكترونية في العالم العربي (لبنان، تونس، مصر..)، اتفقت على برنامج مشترك، يضم ندوات وطرحاً لملفات حيوية، ثقافية، اقتصادية وسياسية. وهو في صدد طرح ملف اللغة العربية في الأيام المقبلة، مما يساهم كثيراً في حضور الموقع عربياً، ويقرّبه مما يجري في هذا العالم.
بعد مرور ست سنوات على طرح «أوريان 21»، نفسه، كمنصة تستطيع سد الثغر التي تعتري التغطيات الإعلامية لمناطق عربية أو إسلامية، هل نجح في هذه المهمة؟ يجيب غريش بأن موقعه كان أول من اهتم باليمن، عندما بدأ العدوان السعودي على أراضيه، في وقت لم يكن أحد ليهتم بهذه البقعة المنسية، التي أضحت مركز جذب، عندما بدأ التأييد الفرنسي للتدخل العسكري السعودي في اليمن. أضف إلى ذلك تغطية انتفاضة السودان في بداياتها، والإضاءة على زوايا أساسية أخرى، تخص الحوار السياسي في فرنسا، والمؤثر في أوضاع المنطقة، وأوروبا كذلك.
لا يخفى على أحد، الصعوبات المالية، التي تمرّ بها الصحافة عالمياً، ومحلياً، وانعكاسها على صناعة المحتوى، فكيف واجه «أوريان 21» هذه التحديات؟ بشفافية عالية، يجيب صاحب «الإسلام والجمهورية والعالم» بأن المشكلة في الاستمرارية تكمن على المدى البعيد. يمازحنا هنا تعليقاً على هذا التعبير، ويقول بطريقته الخاصة بأنه أصبح «هرماً» (ضاحكاً). فالموقع الإلكتروني يطلب مرتين كل عام من القراء المساهمة بمبالغ مالية (لا تتعدى 5 يورو)، وقد حصل ذلك، نهاية أيار (مايو) الماضي، ووصل المبلغ إلى 30 ألف يورو. علماً أن ميزانية الموقع ككل تصل إلى 150 ألف يورو، مع استثناء تقاضي أغلب الكتّاب لمبالغ مالية، وتقديم خدماتهم مجاناً.