منيرة عبد الله، فتاة سعودية، التقطت أخيراً صورة لها، وهي خارجة من إحدى دور السينما في الرياض، وهي تحتضن بيديها صورة عملاقة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. الصورة التي وثقتها الشابة ونشرتها على حسابها سرعان ما انتشرت بشكل كثيف على مواقع التواصل، أو عُمل على الترويج لها. حتى إنّ «العربية نت» استصرحتها، بعيد الضجة التي أثيرت حولها، وأوضحت الشابة السعودية وقتها، أن سبب قيامها بهذه الحركة، يعود الى كونها ترتاد السينما للمرة الأولى، عدا أنه لدى مغاردتها المكان، شاهدت صورة بن سلمان (يصل طولها الى 3 أمتار)، وأحبت أن «تحيّيه» على طريقتها. الى جانب انتشارها الكثيف على السوشال ميديا، رافقت الصورة عدداً كبيراً من المواقع الإلكترونية السعودية التي هلّلت للقرار الأخير بإسقاط نظام الوصاية عن المرأة السعودية في السفر من دون الحاجة الى موافقة «ولي الأمر» ومرافقته، اضافة الى تعديلات تخص أوضاع المرأة في الأسرة ومنحها حق «التبليغ عن المواليد»، و«الوصاية على الأبناء القصّر». في الأول من آب (أغسطس)، صدر القرار، وتعاملت معه الميديا السعودية، على شاكلة ما حدث قبل عام، وتحديداً في حزيران (يونيو) الماضي، تاريخ بدء سريان القرار الملكي برفع الحظر عن المرأة في قيادة السيارة. كلنا يذكر وقتها البروباغندا التي افتعلت سعودياً وحتى عالمياً، بغية إظهار أهمية القرار الملكي وتاريخيته في «نصرة المرأة وتمكينها»، وبتصوير محمد بن سلمان كأحد الأمراء الإصلاحيين و «الثوريين»، والمناصرين لحقوق النساء في المملكة. هذه المرة، يعاد السيناريو نفسه، مع التعديلات القانونية التي أقرتها السعودية أخيراً. صحيفة «عكاظ» السعودية، التي تصّدر صفحتها الأولى وقتها مانشيت (دوّن باللون الأحمر): «تمكين المرأة ..الرحلة لن تتوقف»، كانت من بين أبرز المنابر التي تفرّدت بنشر تفاصيل القرار. وعلى المنابر الإفتراضية، تصدّر هاشتاغ #لا_ولاية_على_سفر_المرأة» موقع تويتر عالمياً. هكذا خطّ مسار التطبيل من جديد لقرار يأتي ضمن رزمة «رؤية 2030» التي وضعها بن سلمان، وتعطي المرأة دوراً أساسياً فيها، من خلال سلسلة إصلاحات تخص أوضاعها الإجتماعية والقانونية. ففي وقت يأتي القرار ضمن حرص المملكة على تقديم صورة داعمة للمرأة، ومتقدمة في مجال «حقوق الإنسان»، تعاد أسماء ناشطات سعوديات الى الواجهة، منهن ما زلن يقبعن في أقبية السجون السعودية، فقط لأنهن رفعن الصوت عالياً أكان في مجال المطالبة باستحصال المرأة السعودية على حقها في قيادة السيارة، أو حتى في مجال الوصاية التي تنتقص من قيمتها الإنسانية، وتصورها قاصراً طيلة سنوات حياتها.
إسقاط الولاية عن المرأة السعودية، وقبلها السماح لها بقيادة السيارة في بلادها، الى جانب تقارير بالجملة، بثتها الميديا السعودية، تضيء من خلالها على تجارب نساء في مجالات مختلفة، وتتعاطى مع هذا الأمر على أنه ضمن إجراءات تمكين المرأة. علماً أن هذه التقارير وغيرها تدين السعودية أكثر مما تمنحها صورة لمّاعة. إذ تظهر مدى العقل الرجعي الذي تحكم وما زال بالنساء هناك في الميادين كافة. وليس تقرير «العربية» أمس عن «قياديات سعوديات» يقمن باستقبال «ضيوف الرحمن»، سوى مثال حيّ على استكمال التعاطي الإعلامي مع المرأة. فقد أظهر التقرير مجموعة شهادات لنساء يدخلن للمرة الأولى مجال الفندقية. نتحدث هنا عن وظائف عادية، كقسم المشتريات، أو مكاتب الإقامة. صورّهن التقرير على أنهم قادرات ومن خلفهن رجال الأعمال الذين يمتلكون هذه الفنادق، ويقومون بدعمهن. يقول التقرير إن هؤلاء النسوة «أثبتن نجاحهن»، ويتمنين أن يصلن الى أماكن أخرى لإرضاء طموحاتهن. تقرير لا شك يظهر مدى تخلف المملكة عن الإلتحاق بالركب الإنساني، والنسائي على وجه التحديد.