كان طبيعياً أن تثير الصورة الفوتوغرافية، التي نشرت في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية السخرية العارمة على مواقع التواصل. صورة ذيلت بتعليق «مجموعة مشاة من حزب الله يأخذون استراحة بالقرب من القاعدة العسكرية في الهرمل»، مرفقة بتحقيق صحافي نفذته أخيراً، مراسلة المجلة في بيروت سالومي أندرسون، تحت عنوان «حزب الله يستعد للحرب المقبلة ضد اسرائيل». في الصورة أربعة فتية ملثمين، يحملون أسلحة فردية، والى جانبهم نارجيلة ومنقل فحم! والعارف بأدبيات «حزب الله» أو حتى بظهور أفراده أقله على قناة «المنار»، لا بد من أن يفقه جيداً، أن الصورة المنشورة في المجلة الأميركية، لا تمت لعناصر الحزب بصلة، لا في الشكل ولا المضمون، فهؤلاء دائمو الحرص على الظهور بوجوه وبأصوات مموهة، وفي أماكن غير مكشوفة وبعيدين كل البعد عن هذه الوضعيات المضحكة التي نشرتها «فورين بوليسي». حتى إنّ خلفية الصورة تظهر أن هؤلاء يجلسون أمام أحد البيوت هناك. وهنا بالتأكيد تشكيك واضح بأنهم متواجدون بالقرب مما زعمت المراسلة بأنها «قاعدة عسكرية» في الهرمل البقاعية. وإذا ما وضعنا، جانباً، الاستغباء الذي تحاول المجلة ممارسته على جمهورها، تظهر مراسلتها بأنها قامت باستصراح «ستة مصادر من حزب الله»، حتى إنها أجرت مقابلة مع من ادعت أيضاً أنه «مشغّل للصورايخ»، الذي أخبرها كيف يحضر الحزب لحربه المقبلة مع العدو، بعد 13 عاماً من انتهاء حرب تموز! المقالة الطويلة توزعت بين معلومات نقلتها المراسلة عن «مصادر في حزب الله» وبين استصراح مجموعة صحافيين وخبراء، الى جانب وصف الوضع القائم بين لبنان و«اسرائيل»، وما جرى أخيراً في سوريا، وعلى الحدود مع لبنان، وداخل الضاحية الجنوبية... كان من المضحك بمكان، عندما أظهرت المقالة أنها كشفت عن ارسال العدو لطائرات مسيّرة الى الضاحية، الذي كان يهدف الى اغتيال «أحد قادة حزب الله الكبار». علماً أن هذا الأمر، اي هدف اغتيال شخصيات من الحزب، كان من ضمن الإحتمالات التي كشف عنها أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، بعيد العملية العدوانية التي حصلت في «معوّض». ولعلّ الأمر الذي يدل على الهشاشة المهنية، واستغفال الجمهور، نقل تصريح داخل التقرير عن شخص اسمه «علي»، يسخر من اعتبار «اسرائيل» أنها قامت بارسال «الدرونز» لضرب «مصنع للصورايخ الدقيقة»، فاستشهد بالثنائي الكارتوني الشهير «طوم وجيري»، قائلاً: «بإمكاننا مشاهدة طوم وجيري والقول هذه قصة حقيقية!». طبعاً، هذا الأمر يبعد كل البعد عن تعاطي «حزب الله»، مع الصحافة الأجنبية أو المحلية، ويخرج بالتأكيد عن أدبيات استصراحاته!