في وقت تدخل فيه بعض وسائل الإعلام اللبنانية كشريك أساسي في تأجيج الفتنة، واجتزاء الحقيقة وإبراز انحيازها الحزبي، إزاء سلسلة التوترات التي حدثت أمس في شوارع بيروت وبكفيا وحتى طرابلس، تغيب الأصوات الفعلية، التي تحتكم الى لغة العقل والتهدئة، في بلد أضحى يشهد كل ليلة، أجواء توتر وصدامات بين شوارع ومناطق وحتى أحزاب. لكن هذا المشهد تغيّر أمس، مع مراسلة lbci رنيم بو خزام التي غطت التوتر الحاصل بين منطقتي «عين الرمانة» و«الشياح». تغطية خرجت عن الإصطفاف الذي تعيشه الشوارع، وأظهرت صورة أخرى، للميدان المشتعل، لا يعمل على تظهيرها في منابر إعلامية أخرى. لعل التوتر الذي حصل أمس، بين هاتين المنطقتين، يأخذ حيزاً رمزياً أكبر من إشكال بين منطقتين، لحساسية المكان الذي شكل أحد خطوط التماس إبان الحرب الأهلية. لذا كانت جرعة المسؤولية المهنية أعلى بكثير ضمن مشهدية يرقص فيها لبنان على حافة الحرب الأهلية أو ما يشبهها. تغطية بو خزام، يمكن الإمثتال بها، كونها كانت مراسلة ميدانية، تنتقل بين شوارع محاذية، يعمل اليوم على تفريقها ودسّ جرعات من التحريض داخلها، حتى داخل الحيّ نفسه، الذي يقطن فيه خليط حزبي ومذهبي واحد، يرفض لغة الحرب والتقسيم. وفي الوقت عينه، تمنع أصوات استصراحات يمكن أن تؤجج الخلاف في الشارع، وتفتح الهواء لأصوات من أهالي المنطقة، يحتكمون للغة العقل، وللوحدة في ما بينهم. أمس، أطل من «عين الرمانة» أحد سكانها، ورفض ما يحصل في الشارع، عازياً كل ما يحصل الى شائعات تنشر عبر تطبيق «واتساب»، ومصّراً على اعتبار أن كل اللبنانيين متساوون في أوجاعهم، وعليهم النظر في «اقتصادهم المنهار»، لا أخذ الشارع الى ما لا تحمد عقباه. والملفت أيضاً، أن أبو خزام، عادت وانتقلت الى «الشياح» وأكدت مراراً أن سبب الإشتباك، فيديو قديم انتشر على وسائل التواصل الإجتماعي، وسعّر التوتر بين الشارعين، وحظيت أيضاً، باستصراح لأحد أهالي المنطقة، الذي أكد على خطاب الوحدة ورفض ما يحصل في الشارع. من هنا، يمكن، فعلاً الامتثال بهذه التغطية العالية المسؤولية لقناة lbci، ولمراسلتها رنيم بو خزام، التي حرصت على نقل أجواء مختلفة ومطلوبة تنبذ لغة الإقتتال، وتحرص على خطاب تهدوي يجمع ما بين اللبنانيين، في وقت تدأب فيه وسائل إعلام أخرى، على نقل صورة مجتزأة من الشارع، والعمل على الفرقة والشرذمة.