أمس، اختلف المشهد الذي تسيّد مواقع التواصل الإجتماعي، مع ما ساقه الإعلام التقليدي لاحقاً، مع خروج قضية جمعية «رسالة حياة»، الى العلن، وإصدار المحامي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب قراراً بتوقيف راهبتين امتنعتا عن تسليم 12 طفلاً داخل الجمعية، على ضوء قرار القاضية الناظرة في جنح الأحداث في بعبدا جويل أبو حيدر الذي اتكأ على شهادات الأطفال، ودوّن الفظائع التي ترتكب بحقهم. الملف الذي شغل الرأي العام أمس، كان قد شابه انقسام على السوشال ميديا، بتدخل مجموعة ممثلين/ات، وسياسيين، وعاملين في الحقل الإعلامي بهذه القضية، والإنحياز الى Mission de Vie. حتى إن وسام حنّا شكل رأس حربة في هذه القصة عندما نقل عبر لايف ستريمينغ مجريات ما يحدث في الجمعية، وتصوير بأن كل ما يقال عن الدير مجرد كذب وافتراءات. واللافت نشره فيديو يجمعه مع أرزة شدياق وميراي بانوسيان، ونغم أبو شديد، اذ شددوا على الظلم اللاحق بالجمعية، بما أنهم متابعون لعملها ومواكبون للأطفال داخلها منذ سنوات كثيرة. التدخل هنا، لم يكن محصوراً فقط بمؤازرة شكلية، بل ذهب بالتأويل الى وصف الراهبات بأنهن «ملائكة»، وأقحم اسم «الله» والكنيسة في هذه القضية، ضمن سياق عدم المسّ بالجمعية لا من قريب ولا من بعيد.
أجواء حاولت أن تخيّم على السوشال ميديا، مقابل نشاط جو معلوف، سفير الإتحاد لحماية الأحداث، الذي برز أمس، متابعاً للقضية، وناشراً لبعض ما جاء في قرار القاضية أبو حيدر، من انتهاكات جنسية وغيرها بحق الأطفال، الى جانب الزميل رضوان مرتضى، الذي كان أيضاً متابعاً للملف ولحيثياته القضائية، وأضاء بشكل أوسع على قضية أخرى تندرج ضمن السياق عينه، الا وهو الإتجار بالأطفال وبيعهم وتسعيرهم تبعاً للون بشرتها. ما حصل فجر الأمس، وبعد تدخل قوى الأمن الداخلي لسوق الراهبتين، سوّق له من قبل الجمعية والمدافعين عنها، بأنها حصل بشكل مفاجىء وصوّر على أنه انتهاك للدير، عبر دخول قوة مسلحة اليه. أما في واقع الأمر، فقد حصل ذلك، بعيد مفاوضات استمرت خمس ساعات لإقناع الراهبتين بتسليم الأطفال، مع امتناعهما عن تسليم رضيعين ما زالت الشكوك دائرة حولهما، والركون في هذه العملية الى الكنيسة والقول بأن الرضيعين يخضعان مباشرة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي.


إذاً، أجواء تداخلت فيها السياقات القضائية مع الطائفية، لكن، اللافت فيها، عدم انجرار الإعلام التقليدي الى ما حصل على المنصات التفاعلية. فالمتابع للقنوات أمس، لا بد من أن يلحظ تغييراً في الخطاب. فقد تراوحت التغطيات بين انحياز لشهادات الأطفال وبين اداء شبه موضوعي يعطي الأطراف الحق في الدفاع عن نفسها. فعلى الرغم من نقل mtv لبعض من وقائع «الوقفة التضامنية» مع الجمعية في ساحة «انطلياس»، وتوجيه أحد الآباء المسؤولين هناك، التهم الى ما أسماه «الإعلام المأجور»، استضافت المحطة في نشرة أخبارها المسائية معلوف، وأعطته مساحة لافتة لنقل بعض مما أتى في القرار القضائي، مع التأكيد على أن قانون محكمة الأحداث فوق الكنيسة وباقي القوانين. وعلى otv، التي قصدت الجمعية، وأجرت مقابلة مع المديرة السابقة لجمعية حماية الأحداث رولا لبس، تأكيد أيضاً على سطوة القوانين الوضعية على الكنيسة، مع استفسار حملته المحطة حول الرضيعين لكن من دون أن تتمكن من الوصول اليهما. أما قناة lbci، فكانت الوحيدة التي أفردت مقدمة نشرة أخبارها أمس، بالكامل للقضية، ضمن سياق عاطفي بليغ، مع مطالبة القضاء بالمحاسبة والتحقيق في هذه الجرائم. وفي النشرة أيضاً، شرح طويل طال كيفية بداية القضية الى حين وصولها اليوم الى إعتقال والإفراج عن الراهبتين، مع إجراء توازن مع أجواء الدير ومحاميه أيضاً.