الناظر في هاشتاغ «#مقاطعة_مقابلة_باسيل_عالجديد» الذي أطلق قبل أيام على تويتر، كرد على اعلان «الجديد» عن مقابلة وزير الخارجية جبران باسيل، سيلحظ حتماً أنّ الداعين الى المقاطعة، لا يمكن حصرهم في جهة سياسية أو ادراجهم ضمن لعبة «المؤامرة» كما روّجت القناة في نشرة أخبارها أمس. هؤلاء استطاعوا خلال أيام، أن يجبروا المحطة على تخصيص مساحة واسعة من نشرتها المسائية لدرء الإتهامات السياسية التي تطالها، من ضمنها «صفقة مالية عقدتها مع باسيل» لقاء مقابلته الليلة، وأيضاً، لربط هذه الحملة المضادة الداعية لمقاطعتها اليوم، بأخرى حصلت في الأسابيع الأولى للحراك، تمثلت في هاشتاغات منتقدة لسياستها التحريرية، ولهجومها على المقاومة، وتمثلت أيضاً، في تحرك بعض الشبان أمام مبناها، ونعتها بـ «القناة الصهيونية». قد تكون هذه المشهدية الدفاعية من وجهة نظر القناة، مفيدةً لإقناع الجمهور بأن استضافة باسيل تندرج ضمن حفلة «مساءلة»، و«حق الوصول الى المعلومات»، في «محاورة المسؤولين في السلطة»، كما أوردت في تقريرها الإخباري المطوّل ليلة أمس.
لكن ما الذي يدفع بقناة تلفزيونية، أن تقزّم من شأن مطلقي حملات مقاطعتها وتصنفهم ضمن «المجموعات الصغيرة التي تصادر أصوات الناس»، تخصيص مقاطع كاملة من مقدمة نشرة أخبارها، وكذلك افراد تقرير يتعدى ثلاث دقائق، لتفنيد الحملة، والمدح بمراسليها وبعملهم الميداني، واستحالة ازاحتها عن التغطية الإعلامية للحراك. طبعاً، هذا الأمر يثير الاستغراب، لناحية تأثير حملة مقاطعتها، هي التي ما زالت محجوبة عن مناطق عدة في بيروت، والجنوب، والبقاع على خلفية «اشتباكها» مع «جمهور المقاومة»، وبالتأكيد لن تحتمل مقاطعة اضافية تأتي هذه المرة من جهة «الثوار» الذين شككت في هوياتهم في الأصل، بل اتهمت صفحات فاعلة لها حضور في مواكبة «الثورة»، بالتآمر عليها وصنّفتها ضمن أدوات «السلطة». قراءة هذه المشهدية مهمة، لمعرفة سبب استشراس «الجديد» في الدفاع عن مقابلة باسيل، بعد أكثر من سبعين يوماً، شكلت فيه رأس حربة في مواكبة التظاهرات في المناطق، وحاولت بعدها السخرية من الاتهامات بالقبض من السفارات القطرية والإماراتية، كما جاء في مقدمة نشرة أخبارها أمس. لمنتقدي المقابلة الحق في الإعتراض، كما من حق القناة المستضيفة أن تدافع عن خطوة استضافة شخصية جدلية حظيت بالحصة الأكبر من الهجوم في الشارع، لكن، طبعاً، من غير المنطقي التقليل من شأن أصوات ترى في المقابلة سبيلاً لـ «تلميع صفحة باسيل»، والتشكيك في هذه الإستضافة التي «لم تأت مجاناً» كما يقول المنتقدون، ولو ادعى القائمون على القناة بأن مفردات «الرياء السياسي» و«المحاباة» ستغيب عن قواميسهم، لكن في نهاية المطاف هناك مساحة للضيف، وليس أي ضيف، فباسيل غاب عن المقابلات التلفزيونية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وها هو يخرج الليلة على شاشة شكلت منصة أساسية للتظاهرات، وأثارت دون غيرها جدلاً لم ينته الى اليوم حول سياساتها التحريرية المتنقلة على الجبهات.