منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس ورفاقهما، الأسبوع الماضي في بغداد، والإعلام برمته أجنبياً كان أم عربياً /خليجياً، في حالة استنفار دائمة. فتحت جريمة الإغتيال الأبواب واسعة حول الحرب الحتمية بين ايران وأميركا، وترقب كيفية الرد الإنتقامي الإيراني لمقتل أبرز القادة العسكريين في طهران، وتداعيات الرد على المنطقة والإقليم، وحتى داخل الولايات المتحدة. في الأيام القليلة الماضية، لغاية يوم أمس، موعد تنفيذ ايران لضربة عسكرية أصابت قاعدتين أميركيتين في العراق، لم تهدأ قنوات التلفزة الكبرى، التي فتحت هواءها لمواكبة المستجدات، ورصد مختلف المواقف السياسية والعسكرية الصادرة عن كافة الجهات المعنية من دول غربية، وعربية وخليجية. حالة من الإجهاد اليومي سادت المنصات المتلفزة وكواليسها من فرق تحرير وتنسيق للضيوف، وأبرز هؤلاء المحللين السياسيين والعسكريين، والمتابعين للشأنين الإيراني والأميركي على وجه التحديد. فقد نشط أخيراً، سوق المحللين، من عواصم عالمية وعربية ومحلية. فمنهم من يطل باطراد على الشاشات بشكل يومي، وآخرين يظهرون تبعاً للحدث. حتى بات لكل شاشة محللوها الثابتون. هكذا توزعت التغطيات في الأستديو بين واشنطن، طهران، بيروت، الدوحة، بغداد، رام الله، وشكلت هذه النقاط محاور التقاء في محاولة لرسم المشهدية الحالية والمقبلة السياسية والعسكرية في المنطقة وأثرها. لكن ما حصل أمس، يدعو بالفعل الى الإستغراب الممزوج بالسخرية، عندما نفذ «الحرس الثوري الإيراني» ضربته الصاروخية تجاه قاعدتين اميركيتين في العراق. حصل ذلك، فجراً بعيد الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وبهذا استمرت التغطية الحيّة الى اليوم التالي، مستنزفة مرة جديدة الطواقم العاملة في وسائل الإعلام، وعلى ما يبدو أن المحللين انضموا اليهم، مع ظهورهم فجر اليوم على الشاشات، للوقوف على ما حدث في العراق، واستشراف الفترة المقبلة. كانت بمثابة مفاجأة بالفعل، أن يستمر هؤلاء بالكلام على التلفزيون في ساعات متأخرة من فجر اليوم، اضافة الى حضورهم في الأستديوات، في جهد واضح قاموا به، للمجيء والكلام. مشهدية امتزجت بالسخرية على وسائل التواصل، سيما من صورة انتشرت تعود لقناة «الجزيرة» تستضيف فيها سبعة ضيوف دفعة واحدة من عدة عواصم عربية وغربية، واللافت أن بينهم أناس استسلموا قليلاً لغفوة صغيرة، الى حين مجيء دورهم في الكلام، مما ولّد حفلة من التهكم بحق هؤلاء وما يحدث على الشاشات.