منذ يومين، تاريخ إعلان التشكيلة الحكومية التي ضمت للمرّة الأولى ست وزيرات، والسوشال ميديا مليئة بصورهن الشخصية وبتعليقات وصلت إلى حدّ مبالغ به كثيراً في توصيف أشكالهن، من دون أن يخلو الأمر من الانزلاق نحو الذكورية التي تختصر المرأة في الجسد والشكل الحسن. ويبدو أنّ الموضوع لم يقف عند حدود المنصّات التفاعلية، بل امتد إلى البرامج التلفزيونية. إذ كنا أمس الأربعاء على موعد في نهاية برنامج «يوميات ثورة» على «الجديد» مع فقرة «عمشان show» التي يقدّمها وسام سعد المعروف بـ «أبو طلال». قدّم الأخير حفلة إضافية تنضح ذكورية قائمة على صور نمطية مهترئة أعيد استخدامها من جديد. في نهاية الفقرة، أخبرنا سعد أنّ البرنامج «كوميدي»، وتوجّه إلى الوزيرات بالقول: «نحن منحبكن ومنفتخر فيكن». قال هذا الكلام بعدما خصص أكثر من أربع دقائق لخطاب ذكوري أكل على كثير من صوره النمطية الدهر وشرب. بدءاً من التقليل من قدرات المرأة وحصر الموضوع بالطهي والثرثرة (صبحية نسوان) واتخاذ القرارات الخاطئة نتيجة تلاعب الهرمونات في جسدها والكيد، وصولاً إلى ضرورة مرافقة عاملة منزلية لها طوال الوقت للتنظيف حتى في الوزارة! بطبيعة الحال، لن يشفع تصنيف البرنامج ضمن خانة الـ «كوميدي» لكي لا يُساءل معدّوه عن المحتوى الفاقع الذي قدّم أفكاراً رجعية باتت مثيرة للشفقة في عصرنا. عدا عن أنّ مفهوم الكوميديا التلفزيونية اختلط على وسام سعد وفريقه، كون النكات لم تهدف إلا إلى الإساءة للمرأة ومحاولة إعادة تكريس صور اجتماعية بالية. أنهى سعد الفقرة بعبارات اعتقد ربّما أنّها قد تشفع له، غامزاً من قناة منح المرأة الجنسية لأولادها، للدلالة على أنّ مشاركة المرأة في حكومة تعتبر خطوة ناقصة. صحيح أنّ هذا الكلام انتشر على السوشال ميديا، لكن لدى التدقيق يمكن تصنيفه بأنّه «حق يراد به باطل»، إذ أنّ الوزيرات الست أوّلاً غير متزوجات من أجنبي، ناهيك عن أنّ هذه القضية المحقة لم تحلّ نتيجة عقود من حرمان الأمهات لأبسط حقوقهن، تتحمل مسؤوليتها المنظومة السياسية ــ الطائفية التي تتحكّم بهذه المسألة تحديداً!