لو قمنا بجولة سريعة على القنوات اللبنانية، لوجدنا أن ثلاث شاشات محلية تُعيد حالياً عرض مجموعة من أرشيفها الذي صور في التسعينيات من القرن الماضي، إضافة إلى باقة من المشاريع التي سبق وبثتها في العام ألفين ولقيت جماهيرية واسعة. هذه البرامج سحبتها وسائل الاعلام من أرشيفها، لأسباب عدة. هناك محطات توقفت كلياً عن بث برامج جديدة بسبب الازمة المالية التي ضربتها، على رأسها «تلفزيون المستقبل». فمنذ ستة أشهر تقريباً، تعيد المحطة بث أرشيفها الغني بعدما ضربتها أزمة مالية خانقة أدّت إلى بقائها على البث، ولكن من دون محتوى إعلامي جديد. كما تم الاستغناء عن الموظفين الذين لا يزالون يصارعون الادارة من أجل الحصول على تعويضاتهم. ويعيد «تلفزيون المستقبل» حالياً جميع برامجه السابقة على مدار النهار وعلى رأسها «خليك بالبيت» الذي تولاه زاهي وهبي وقدم لسنوات طويلة وإستضاف مئات الفنانين، إضافة إلى حلقات من البرنامج الساخر «لا يمل» لعباس شاهين وعادل كرم وغيرهما، وكذلك برامج الالعاب التي تولاها سابقاً ميشال قزي. كلها مشاريع تلفزيونية كانت سبّاقة في الأفكار، ولو أنها من الارشيف ولكنها تلقى حالياً إستحسان الجمهور الذي يشعر بالحنين الى السنوات التي كان فيها الاعلام اللبناني في ذروته، مقارنة بوضعه المالي المتأزم حالياً. كذلك يعرض «تلفزيون لبنان»، كما جرت عليه العادة، مسلسلاته اللبنانية القديمة التي تذكر المشاهدين بأيام العز للدراما المحلية. تلك المشاريع كانت ولا تزال في ذاكرة الفن اللبناني، وتعاد عشرات المرات لكنها تلقى مشاهدة جيدة. على الضفة نفسها، إنضمت قناة lbci أخيراً إلى لائحة القنوات التي استعانت بالارشيف لملء الفراغ في برمجتها إثر غياب البرامج بسبب إنتشار فيروس كورونا. فقد قررت نبش ارشيفها وعرض مجموعة مسلسلات وبرامج قديمة، على رأسها البرنامج الرياضي «ما الك الا هيفا» وبرنامج «يا ليل يا عين» الذي بث بداية الالفين وقدمه الثنائي كارلا حداد وطوني أبو جودة. البرنامج يعرض كل سبت وحلّ مكان برنامج المواهب «ذا فويس سينر» الذي كانت ستعرضه الشاشة اللبنانية بالتوازي مع قناة mbc، ولكنها عدلت عن فكرتها بسبب كورونا. البرنامج بدأ عرضه السبت الماضي، وكان مفاجئاً أنه لقي تعليقات ايجابية على السوشال ميديا وبقي تريند لساعات طويلة. وراح بعضهم يقيم مقارنة بين شكل كارلا وطوني في العام 2006 عندما صوّر وعرض البرنامج ووضع الثنائي اليوم. هكذا، تتنافس الشاشات اللبنانية الثلاث على جذب الجمهور بأرشيف غني يصلح لكل زمان، ولكنه في المقابل يدل على أزمة مالية خانقة تلتف حول عنق الإعلام.