دمشق | أوحى العام الماضي بانفراجة وعودة قوية للصنعة الشامية الأبرز! لكن حالما انقضى الموسم وبدأت التحضيرات، حتى تكشّفت حقيقة أنّ ما يجري مجرّد طفرة في مشوار الدرب المقفرة الذي وصلت إليه الدراما السورية. ومن ثم سيطر كورونا على العالم في وقت الذروة بالنسبة إلى صنّاع المسلسلات، فتعطّلت العربة، وخرجت أعمال عن سكة التنافس، بعد توقّف إجباري للتصوير دام حوالى شهر. لكن بعض الأعمال نجت من الكارثة، كونها إمّا صوّرت قبل الوباء، أو توقّفت ثم استأنفت التصوير بعد سماح الحكومة بذلك ولو بضعة أيّام.البداية مع «حرملك 2» (كتابة سليمان عبد العزيز وإخراج تامر اسحق ــ بطولة: سامر المصري، باسم ياخور، صفاء سلطان، أحمد الأحمد، قيس الشيخ نجيب، رنا الأبيض، أحمد فهمي، درّة التونسية وآخرين/ «mbc دراما»، «شاهد»، lbci، «لنا»). العمل استعراض واضح للضخامة الإنتاجية، والمبالغة في المؤثرات البصرية. وإن كانت القصص وسردها كمرحلة تاريخية قد تصدّت لها أعمال شامية سابقة، إلا أنه يجرّب التمايز من خلال الترف الإنتاجي، والصورة المشغولة، إلى جانب حشد كوكبة من النجوم. تتعاقب في هذا الجزء الأحداث والمعطيات الجديدة للعائلة الشامية التي تتمحور حولها الحكاية، بعدما وشى الشقيق الأكبر «رسلان» بصديقه «أنس» وسلّمه إلى الدرك وحصل على مكافأة كبيرة جعلته من أصحاب النفوذ والمال.
بعد منحه إذن تصوير لمدّة 10 أيّام، لحق «سوق الحرير» (كتابة حنان المهرجي، وإخراج مؤمن الملا ــ بطولة: بسام كوسا، سلوم حداد، كاريس بشار، فادي صبيح، ندين تحسين بيك.../ mbc) بالسباق الدرامي. يحكي المسلسل قصة رجل متزوّج من أربع نساء (بسام كوسا)، تلد اثنتان من نسائه في يوم واحد، فتموت إحداهما أثناء الولادة، لتتوه الثانية في تحديد هوية ابنها وتبدأ سلسلة من الأحداث المعتمدة على هذه الفرضية، فيما يتغرّب شقيق الرجل (سلّوم حداد) عن حارته منذ كان صغيراً ويعود بعد أكثر من ربع قرن لكن فاقداً للذاكرة. ولدى عودته، يبدأ باسترجاع ذاكرته أوّلاً بأوّل، من دون أن يتمكّن أهله من معرفة شخصيته وهويته، كما أنّه يرغب لأسباب تخص الحبكة بإخفاء شخصيته الحقيقية.

مسلسل «يوماً ما» يقدم مقترحاً اجتماعياً يجرّب التمايز في الدراما المعاصرة

ضمن الأجواء الشامية نفسها، أنجزت شركة «قبنض» مسلسل «بروكار» (كتابة سمير هزيم، وإخراج محمد زهير رجب ــ بطولة: عبد الهادي الصبّاغ، سلمى المصري، نادين خوري، زهير رمضان، سعد مينه، يزن الخليل، قاسم ملحو، علاء قاسم وزينة بارفاي ــ «الظفرة») الذي يتناول صناعة «البروكار» الشامية ومحاولة أحد المهندسين الفرنسيين سرقتها والخروج بصنعة «الجاكار» بديلة للقضاء على الصنعة الوطنية المحلية في أربعينات القرن الماضي. يجّرب العمل إضافة جرعات تشويقية على خلفية المحور الجوهري للحكاية من خلال جرائم قتل متتالية وتصفيات لضبّاط فرنسيين.
في موازاة ذلك، لحقت أعمال أخرى بموسم العرض منها «مقابلة مع السيد آدم» (كتابة وإخراج فادي سليم بطولة: غسان مسعود، منة فضالي، محمد الأحمد ــ «أبو ظبي» و«لنا») الذي يروي سيرة طبيب شرعي تفرّع للتدريس في الجامعة. تستعين به الجهات الجنائية لدى استعصاء إحدى الجرائم، فيلمس دلائل تدين المتورّطين. ولأنّهم حيتان ومافيات يخطفون ابنته التي تعاني من متلازمة داون ويهددونه برسالة مفادها: «إن لم تغيّر مضمون التقرير، سنقتل ابنتك». هكذا، ينصاع الطبيب صاغراً، فيسترجع ابنته، لكن بعد المساس بجرعات أدويتها وإعطائها أخرى غير مناسبة، ما يؤدي إلى وفاتها بعد يوم واحد من عودتها إلى أبيها. يخفي الطبيب الخبر الأليم، ويروّج بأنّه أرسلها إلى مركز طبي في بيروت حتى لا يثير الشبهات حوله، ومن ثم يبدأ مشواره الانتقامي في مطاردة الذين تسببوا في مصرع ابنته.
الحضور الكوميدي الوحيد هذا الموسم سيكون من خلال «365 يوم وربع»


ونشاهد مقترحاً اجتماعياً يجرّب التمايز في الدراما المعاصرة عبر مسلسل «يوماً ما» (كتابة رافي عزيز وفهد المرعي وبانة رزق، وإخراج عمار تميم، وإنتاج شاميانا ــ بطولة: عبير شمس الدين، جيني إسبر، جوان الخضر، زهير رمضان وأمانة والي/ «سورية دراما»، «لنا»، «روتانا»). يتطرّق المسلسل إلى رجل يتفانى في طاعة ومحبة عمله لدرجة يدفع ثمن خياره خسارته لعائلته المؤلفة من زوجته التي تنفصل عنه وابنتيه «ماريا» التي تهرب وتعيش في كنف امرأة غجرية، و«شغف» التي تعيش مع والدتها، ليبقى وحيداً إلى أن ينتشله صديق له يعمل في الإذاعة. لكن الحكاية تذهب لمقصدها بعد نقلة زمنية تصل بنا إلى الوقت الحالي فنتعرف إلى «ماريا» وقد أصبحت صبية جميلة وعاشت برفقة «شامان» الذي تحبّه منذ الصغر، لتجيب الأحداث عن السؤال حول مصير الفتاة إن كانت ستعود لأهلها وتكتشف حقائق مخبأة أم أنّها ستبقى في كنف الغجر.
الحضور الكوميدي الوحيد هذا الموسم سيكون من خلال «365 يوم وربع» (مجموعة كتّاب، وإخراج يمان إبراهيم، وإنتاج «لاند مارك» ــ بطولة: محمد حداقي، يزن السيد، محمد خير الجرّاح، وندين قدور ــ «سورية دراما»). وهو عبارة عن لوحات كوميدية اجتماعية ناقدة، تستمد جوهرها من حياة الناس، كما يتعاطى مع مشكلاتهم وهمومهم بطريقة ساخرة.



هيلاريون كابوجي المقاوم العنيد!

من مسلسل «حارس القدس»

وأخيراً، تمكّنت «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» من إنجاز مسلسل «حارس القدس» (كتابة حسن م يوسف، وإخراج باسل الخطيب ــ بطولة: رشيد عسّاف، أمل عرفة، سامية الجزائري وصباح الجزائري/ القنوات السورية و«الميادين») بعد سلسلة من الخلافات والاعتذارات بسبب الأجور المتواضعة. المسلسل يحكي قصة المطران هيلاريون كابوجي (1922 ــ 2017) المولود في حلب، وتجيير مكانته الدينية لخدمة القضية الفلسطينية، حتى أنّه كان ينقل السلاح للمقاومة بسيّارته. ويحكي كيف ألقت قوات الاحتلال الصهيوني القبض عليه سنة 1974 أثناء تهريبه السلاح للمقاومة، ليتم سجنه أربع سنوات بعد الحكم عليه 12عاماً، قبل أن يخرج بواسطة من الفاتيكان. يشرح العمل أيضاً مقاومته لتعليمات المؤسسة الدينية بالابتعاد عن القضية الفلسطينية، إلا أنه نذر حياته لخدمة الشعب الفلسطيني ومطالبه الجوهرية، ثم ركب «أسطول الحرية» مرّتين: الأولى عام 2009 والثانية في 2010 من أجل إيصال المساعدات لأهالي غزّة وكسر الحصار الإسرائيلي، في خطوة تحدّى بها جبروت الكيان المحتل.