أنهك عادل إمام كثيراً في رمضان هذا العام في مسلسله «فالنتينو». لا نتحدّث عن الإنهاك الجسدي بالتأكيد حينما نتحدّث عن «زعيم الكوميديا» العربية لسنواتٍ طوال. ما نتحدّث عنه هو مسلسله الذي يحتاج منه أن يبذل جهداً هائلاً كي يحمل جميع من هم موجودون فيه؛ على الرغم من أنَّه يضم بين جنباته ممثلين محترفين من نوعية دلال عبدالعزيز التي تصرخ بنا وبزملائها الممثلين طوال الوقت؛ مع العلم أن عبدالعزيز واحدة من النجمات اللواتي حافظن على أدائهن الجيد خلال معظم ظهوراتهن الأخيرة، فما الذي شذ هذه المرّة؟واحد من أسوأ إطلالات المسلسل هو بطله «المساند» حمدي الميرغني؛ لا شك بأن الرجل كوميديان، لكنه ليس كوميديان لهذا العصر. فإيفيهات إسماعيل ياسين كانت تنفع في عصره، واللعب على الشكل المختلف، والغباء المصطنع، وحب النساء والجنس... كل هذا كان ينفع في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أما اليوم؟ لم تعد تلك الكوميديا تنفع بأي حالٍ من الأحوال. يصر الميرغني على تقديم هذا النوع من الكوميديا المنقرضة لربما في محاولةٍ منه أن يكون مختلفاً ولربما حتى يحبه بعض الجمهور المصري لأجل ذلك. لكنه نمطي وتكراري، ويمكن مشاهدة مسلسل/ فيلم شارك فيه خلال السنوات الخمس الفائتة، كي تعرف ماذا يقدّم الرجل من أداء. في الإطار عينه، يأتي الممثلون الباقون في العمل حكاية مشابهة: سليمان عيد يعيد ذات الإيفيهات، والتصرفات والنكات السخيفة التي قالها لربما مئات المرات في مسلسلاتٍ مختلفة. هناك فعلاً كوميديا سطحية للغاية في المسلسل لا يمكن نهائياً تجاهلها: عيد الذي يؤدي دور «عاطف» سائق العائلة الثرية صاحبة المدارس (عائلة فالنتينو)؛ يقوم كل يوم «بتسول» نقود بحجة أن أولاده مرضى، فيما هو يفتح محلاً لألعاب الفيديو مع زوجته وأطفاله، هذا النوع من الإيفيهات/ الحكايا قد سبق وقدّمته السينما المصرية (وحتى مسلسلات وأفلام عادل إمام شخصياً) في السابق مئات المرات؛ فلماذا تكراره؟ ماذا عن بناء الشخصيات الأخرى؟ لنأخذ محمد كيلاني الذي يؤدي دور أرشميدس إبن الشخصية الرئيسية «نور» (ويؤديها عادل إمام)؛ شخصية مسطحة للغاية. يحب لأجل الحب كما يعرّفه المسلسل، لا نعرف لماذا يحب لأجل الحب؛ لماذا هو يعشق جيلان (تؤدي دورها وفاء صادق) المدرّسة التي تعمل في مدرسة والده؛ والتي ترفضه طوال الوقت، من دون أي سببٍ منطقي البتة. ماذا عن طارق الإبياري والذي يؤدي دور «رفاعة» الإبن الثاني لنور؛ شخصية تحفظ كل شيء، حسبما يخبرنا المسلسل، ما فائدة ما تستذكره؟ كلما يظهر الإبياري على الشاشة يشعر المشاهد بالملل الشديد؛ ويكرر في قلبه: سيكرر رفاعة حوادث لا تعني شيئاً لأحد. ماذا عن نبوية (تؤدي دورها هدى المفتي) الإبنة الوحيدة لنور؟ نبوية أو نانا عبقرية للغاية، لكن ذلك لا يظهر إلا لماماً. كل الشخصيات في المسلسل كفكرة مبدئية هي جميلة للغاية، لكن تطبيقها على الأرض؟ لربما يجب القول أنه سيء للغاية. كل هذا أجبر عادل إمام على أن ينهك ويستخدم كل تقنياته وحرفته لجعل المسلسل ينجح. حتى يمكن القول بأنّه لولا أن إمام في المسلسل، لكان عدد مشاهدي المسلسل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. إذ ما جعل مسلسل إمام العام الفائت «عوالم خفية» هو نص مكتوب بجمالية (كتابة أمين جمال ومحمد محرز وأمين جمال)، فضلاً عن قصة مسبوكة بعناية ومؤدين يعرفون أدوارهم بشكلٍ جيد؛ مما خفف الضغط على إمام كثيراً. هذا العام، كتب المسلسل الشاعر أيمن بهجت قمر؛ وهو كاتب مسلسلات أيضاً؛ لكن حرفته في هذا ليست كما حرفته في الشعر على ما يبدو. الفكرة جيدة، التنفيذ سيءٌ وللغاية.
حتى اللحظة (الحلقة السابعة)، لا يبدو المسلسل يسير إلى الأمام أبداً، لا تزال عفاف عصمت (دلال عبدالعزيز) تصرخ بالجميع، من دون أي سبب معروف، هي غاضبة كل الوقت من كل شخص، والجميع معاً. نور (عادل إمام) يحاول أن يدفع بعاصم (الميرغني) إلى تقديم كوميديا محتملة، فيما مشاهد بقية المؤدين في العمل تجبر المشاهد على تصفح هاتفه في انتظار عودة ظهور «الزعيم» مرةً أخرى على الشاشة. إخراجياً، يبدو أن رامي إمام لم يكن كذلك موفقاً هذا العام، إذ ليست هناك كادرات تظهر شيئاً مختلفاً، أو شاشة تحتاج توقفاً عندها، ما هناك هو camera roll وانتهى البيان. باختصار هو مسلسلٌ لا يستحق المشاهدة؛ لربما يبدو الكلامُ قاسياً، لكن فعلياً، لولا وجود عادل إمام في هذا المسلسل لما كانت مشاهدة حلقتين منه أمراً محتملاً البتة.
__
«فالنتينو»: 21:00 على MBC
19:30 على قناة dmc