استنفار بعض وسائل الإعلام اللبنانية تحت عباءة حرية الإعلام في لبنان بعيد قرار القاضي محمد مازح بـ «منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم إلكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة»، على حساب ملفات أخرى حياتية طبعت البلاد، استُكمل أمس، مع استدعاء الخارجية اللبنانية للسفيرة الأميركية دوروثي شيا. استدعاء استنفرت له وسائل الإعلام المحلية والعالمية. لكن كان بارزاً كيفية قراءة اللقاء بين هذه المحطات المحلية التي تضاربت المعلومات في تقاريرها، تبعاً للوجهة التي أرادت المحطة أخذ الحدث اليه. وأسهم في ذلك، امتناع شيا عن الإجابة على أسئلة الصحافة التي انتظرتها خارجاً، واكتفائها ببيان مكتوب مقتضب تلته على الإعلام، الى جانب بيان آخر صادر عن وزير الخارجية ناصيف حتّي. إذ بدت المغالاة على mtv، التي مالت كفتها أمس، في تقريرها المسائي (جويس عقيقي)، الى السفيرة الأميركية، وحرصت المعدّة على تبيان مدى خنوع الدولة اللبنانية تجاهها، عبر سلسلة تأويلات نقلتها المحطة عما دار في اللقاء، أبرزها قولها بأن الإستدعاء أتى «لتعرية قرار مازح من حيثياته». المعدّة حرصت على وصف اللقاء بأنه «شكلي وبروتوكولي»، وزادت عليه بأنه أتى «حفظاً لماء وجه الدولة اللبنانية»! طبعاً، لم يتطرق التقرير (4 دقائق) الى مفاعيل اسكات السفيرة مراسلي القنوات، ومنعهم من طرح الأسئلة، واكتفائها بتلاوة بيان معدّ مسبقاً وتضارب هذا الأمر مع الحريات الإعلامية! من جهتها، ركزت «الجديد» على شكل دخول شيا، من الباب الخلفي، وهروبها من عدسات المصوّرين، في تقاطع مع تقرير «المنار» (حسن حمزة)، الذي وصف هذا الدخول بـ«التسلّل»، وقرار السفيرة بمنع سماع الأسئلة بـ «كبح للحرية». وركزت otv، على أن «لا اعتذار» من قبل الحكومة، وعلى طي صفحة ما حدث أخيراً بين السفيرة الأميركية والقضاء. في المحصّلة، تعدّدت السرديات في تغطية استدعاء شيا أمس، على المحطات المحلية، فتظهّر أكثر حجم الانقسام الداخلي، ولعبة شدّ الحبال، فانتشرت التأويلات في التغطيات التي ذهبت في كل اتجاه، وظهّرت أكثر حجم ارتهان بعض وسائل الإعلام الى «السيّد» الأميركي.