إيد بيد منعمّر بلدنا من جديد. معاً للعودة نحو المستقبل. إلا الشعب. معنا الحرية لها معنى. ثقتكم بنا غالية ومطالبكم محقة. روح محبة الوطن والإصرار على تلبية المطالب المحقة للمواطن. معاً لوطن سعيد. المرأة العصرية في الزمن الصعب. نعمل من أجل خدمتكم. نكون أو نكون ليس لدينا خيار آخر. انتخبوا من تسألونه غداً. على العهد باقون... ما سبق عبارة عن فيض إنشائي لشعارات مجموعة كبيرة من المرشحين لانتخابات مجلس الشعب السوري، وهي ترفع عناوينها المنهارة، في واجهة صور مشغولة بعناية وبدونها على برنامج الفوتوشوب الواهم. لكن سرعان ما تتلاشى وسامة الصور المصطنعة، بعين العابر في شوارع بلاده، لتظهر عيوبها وبشاعتها الفعلية، بمجرّد إجراء ضربة حساب سريعة لليومي المعاش، الذي يقول بأن متوسّط دخل المواطن السوري شهرياً، لم يعد يسدّ رمق جوعه ليومين! إذاً، تلك هي عينة من المنجزات الكلامية الصريحة للمرشّحين الذين تجري انتخاباتهم هذا اليوم! شعارات أغرقت المدينة لأيّام عديدة في تلوّث بصري، يزيد من بؤس الحالة المتلفة التي يعيشها السوري، كأنّه غريب في وطنه، تائه في البحث عن رغيف خبزه المغمّس بالقهر والذلّ! لغة تشي بما بات يسجّينا من غوغائية، واستسهال حتى في إطلاق وعود جوفاء، لم يقدر أصحابها على صياغة جملة حقيقية واحدة، علّها تقنع متسوّلاً على إشارة مرور، أو موظفاً حكومياً أحال آلته الحاسبة المطمورة بالغبار لإنجاز حسبة بسيطة صارت في غاية الصعوبة! ترى كيف سيعيش براتب لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية شهرياً (حوالي 20 دولاراً أميركياً) في بلد أمسى يحتاج الحد الأدنى للعيش فيه مبلغ نصف مليون ليرة سورية شهرياً (حوالي 200 دولار أميركي)؟ ذلك الإزدحام اللفظي الذي شوّه شوارع دمشق، وأضاف إلى الطاقة السلبية هذه الأيّام جرعات مفرطة من الإحباط، قوبل بردة شعبية عنيفة على السوشال ميديا، جزء منها صفع المرشحين برفضهم المطلق، وبعضها الآخر اختار السخرية والتهّكم من فداحة ما يراه! كأن غالبية السادة المرشحين أفاضوا ما في جعبتهم باستفادة صريحة من حسابات افتراضية ساذجة، أو أنهم انفصلوا كلياً عن الواقع، لدرجة أن لغتهم خانتهم تماماً! سبق للمجلس أن أمضى وقتاً في إحدى جلساته للتباحث في كيفية كتابة «العمال والفلاحين» بطريقة لغوية سليمة، من دون أن يعني معظم الأعضاء يوماً، كيف يعيش هؤلاء العمال والفلاحون، وسط سور الفقر والعوز والبطالة! كما سبق أن عقد رئيس مجلس شعب سابق حلقات دبكة انحنى فيها وتحمّس، بينما كانت دماء السوريين تراق على جنبات الطرقات الملتهبة بنيران الحرب. كما أطّل وزير من منصّة المجلس منذ مدّة ليقول، بأن لا أحد في بلاده ينام جائعاً من دون أن يتجرأ أيٌ من الأعضاء على مقاطعته! هكذا، لنا أن نستعيد باستفاضة مشهد المُنتج التلفزيوني والنائب في البرلمان، الذي دعا تحت القبّة إلى الطبل والزمر، بعدما أذلّ من تبقى من سكّان الغوطة إثر تحريرها من الإرهاب، وهو يطلب منهم هتافاً وطنياً مقابل شربة ماء، لنعرف بالضبط إلى أين تسير القافلة، بعد يوم العرس الديمقراطي الذي تعيشه البلاد هذا الصباح!