بعدما كان مقرراً دخول القنوات التلفزيونية في كبوة الصيف، وانكفاء برمجتها المعتادة لصالح أخرى تعتمد على المواد الأرشيفية، قلب تفجير الرابع من آب (أغسطس) الماضي كل المعادلات، وأنعش سوق القنوات التي كانت في الأصل تحتضر في هذه الفترة. بعد أسبوع من التفجير الدامي في بيروت، أعادت الشاشات تركيز قواعدها، ولعبت بورقة البرامج المسائية، أكانت على شاكلة توك شو سياسي أو اجتماعي. هكذا بعدما ودعنا كل من طوني خليفة، ونيشان ديرهاروتيونيان، عادا وأطلا هذا الأسبوع، مع رزمة من الضيوف والتقارير التي صبّ أغلبها في سرد قصص بعض المصابين والضحايا. كذلك، شهدنا على mtv عودة برنامج «باسم الشعب» الذي يقدمه رياض طوق، ويختلف عن برنامجي «الجديد »بأنه ينهل من أوجاع الناس للتصويب السياسي كما تسير محطته، في مشهد مشابه لما حصل بعد 17 تشرين مع ظروف مختلفة عن هذه المرة. السياسة طبعاً لا تغيب عن هذين البرنامجين (الجديد) ، لكن، الطابع الأغلب لهما، يتركز على حشد مساحة واسعة من الإثارة والدموع، وصولاً الى طرح أسئلة غير مسؤولة لا تحترم مشاعر أهالي المفجوعين. أمس، ظهر نيشان مجدداً على «الجديد» واستضاف والدة الشهيد حمد العطار، التي عرفت بجملتها الشهيرة على قناة lbci، عندما طلب منها وصف ابنها، وقالت بأنه «حلو ومليح وعيونه عسلية»، في محاولة لإيجاده بعد التفجير. حضر الى جانب الأم المفجوعة فارس اسكندر الذي أطلق بدوره أغنية خاصة مستلهماً كلام هذه السيدة. الأخيرة التي بدت هادئة رغم هول ما عاشته، سردت رحلة البحث عن ابنها الذي يعمل في المرفأ، وتلقت أسئلة ملّ المشاهد تكرارها في «الحركشة» بمشاعر اهل الضحية، علّ السائل يحظى بدمعة منها وترتفع نسبة المشاهدة. سأل نيشان أمس، السيدة إذا ما شاهدت ابنها بعد استشهاده، وهل كانت «جثته مشوهة؟»، و«كيف كانت تلك اللحظة؟». أسئلة تتسم بالسطحية وبعدم احترام مشاعر المفجوع، ربما، كانت المرأة على حق عندما كشف اسكندر سؤالها قبل ظهورها على الهواء: «ليش بدي اطلع احكي؟». مشهد الأمس، ليس مفصولاً عن منظومة إعلامية كاملة في لبنان، لا ترى في أهالي الضحايا والمنكوبين، سوى «سكوب» بعد أن تلعب على استثارة مشاعرهم والدفع نحو مساحة ملؤها الدموع والأسى، في تسليع واضح لهم، ولآلامهم.