يوم السبت الماضي، خصص الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في نهاية خطابه العاشورائي، حيزاً للحديث عن الإعلام والوسائط الإفتراضية، بوصفها معركة حقيقية تخاض اليوم ضد المقاومة. وبعد تأطير الموضوع نظرياً، وتفنيد من وصفهم بأصحاب «الغرفة السوداء» الواحدة التي تصدّر الخبر المضلّل والمفبرك نفسه، وتنشره على منصات مختلفة، أتى على تسمية «العربية» و«الحدث» و«سكاي نيوز» وامتنع عن ذكر أي محطة محلية. ودعا وقتها جمهوره الى ما أسماه المواجهة لهذه القنوات وباقي مواقع التواصل الإجتماعي، عبر ممارسة «المقاطعة السلبية» أي تجاهل أي متابعة لهذه المنصات. منذ ذاك الوقت، وحملات بالجملة تشّن على هذا الخطاب ومضمونه. طبعاً تتقدم الجوقة قناتا «العربية» و«العربية/الحدث» اللتان ذكرتا في تلك الليلة، إذ تستمران في حملة ممنهجة على كلام نصر الله، وتحريفه، وتستعين بوجوه لبنانية معروفة بهجومها على «حزب الله» ، وتصوير المقاطعة التي دعا اليها أمين عام «حزب الله، بأنها نوع من محاولة تعمية الجمهور عن معرفة «حقائق» أو «وقائع»، يريد الحزب إخفاءها عنه! وبالإنتقال الى الداخل اللبناني، ومع تغييب نصر الله لأي ذكر لمحطة لبنانية محلية، فإن mtv، تشعر نفسها دائماً بأنها المستهدفة من الكلام، إذ استغلت امس، قضية منعها من دخول القصر الجمهوري لتشنّ هجوماً على الحزب، عندما المحت في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية، الى أنها اعتقدت في البدء أن قرار المنع «صادر عن ميليشيا حليفة للعهد»، و«كملحق تنفيذي لتهديدات تلقيناها من السيد نصر الله»، في مسار تضليلي جديد تخوضه المحطة، التي شكلت وما زالت رأس حربة على الحزب منذ تفجير المرفأ منذ شهر تقريباً، وعملت على نقل ما تداولته بعض الصحف الغربية من روايات أمنية حول علاقة الحزب بنيترات الأمونيوم في محاولة لتوريطه في التفجير. وسط هذه الأجواء التي تصوّر فيها بعض وسائل الإعلام نفسها كضحية، وتتعرض للترهيب والمنع، لم يصر الى طرح سؤال حقيقي حول المحاسبة والمساءلة لها، والمسؤولية الإجتماعية والوطنية التي ينبغي أن تحملها القنوات المحلية، هذا إذا ما وضعنا جانباً تلك المنصات الخليجية المعادية المعروفة بأخبارها المفبركة والمضلّلة. لم يحدث أن سمعنا اعتذاراً عن تلفيق خبر كاذب أو نشر معلومات مضلّلة أو محرّضة، فكل هذا الأداء المفضوح بات متاحاً ولا يحتمل أي سؤال حول مسؤولية أخلاقية على وسيلة الإعلام حملها. هكذا، تحرّف الحقائق مرة جديدة، وتضحي الدعوة الى المقاطعة السلبية (الوسيلة الأكثر ديمقراطية)، تستخدم في قاموس الترهيب والتخويف، وتغيّب الإشكالية الاساسية المتعلقة بالأداء والمسؤوليات في بلد يغيب عنه أدنى الإلتزام بالمهنية وبأخلاقياتها!