«من الثورة الفرنسية الى الثورة الروسية... أين ثورتنا من ثورات العالم؟» عنوان تقرير (ليال الإختيار) lbci أمس، في نشرة أخبارها المسائية، ما لبث أن تحول مضمونه الى محط سخرية لدى الناشطين على المنصات التفاعلية، لما حمله من مقاربة اتسمت بالمبالغة العالية، في وضع ثورتي روسيا وفرنسا الى جانب حراك 17 تشرين. صحيح أن الأخير شكل محطة أساسية في الحراكات اللبنانية السابقة، واستطاع فرض نفسه على الساحة المحلية والدولية، وأفرز تغيرات محدودة في المشهد اللبناني، لكن، هذا الأمر لا يمكن أن يحيلنا الى وضعه في مصاف ثورات تاريخية ومفصلية ضخمة كالتي حصلت في فرنسا أو روسيا وغيّرت بشكل جذري الأنظمة والدساتير والقوانين. تحاول المعدة في هذا التقرير، التركيز على عامل الزمن، أي العقود التي تتطلبها الثورات لتتحقق، و«نفس التغيير الطويل»، لتدخل في المقارنة لثورة البلاشفة والفرنسيين، دون أدنى تدقيق بواقعهما وبالواقع اللبناني وتركيبته، وحتى الزمن الذي مرّ عليهما، مقارنة بالوقت الحالي وأدواته في التغيير والإتصال. هكذا، استسهلت المعدة، وضع هذه المقارنة التي لا تمت للواقع بصلة، ونستدل من خلالها على الخفة في التحضير والتنفيذ للتقرير، فلا يكفي مثلاً أن نرمي في استهلالية التقرير قولاً مأثوراً لكارل ماركس، ونتبعه بصور أرشيفية عن وقائع الثورتين المذكورتين، معطوفة على أخرى مأخوذة من المظاهرات التي عمّت العام الماضي الساحات اللبنانية، لنبني عليه هذه السردية الساذجة. قد تأخذنا العاطفة أحياناً الى طرح نظريات مبالغ بها، لنعلي من شأن الإنتفاضة اللبنانية التي حدثت العام الماضي، لكن من غير الجائز المقارنة التي اشتغل عليها التقرير، كونها تفتقد الى العمل المهني البحت، عدا أنها تستخف بالعقول، ويمكن أن تجرنا الى مساحة من السخرية كما حصل أمس مع lbci.