خلال أقل من 24 ساعة تحولت موظفة مغمورة في سوريا، إلى حديث الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصل اسمها إلى وسائل الإعلام العربية وحتى العالمية.أصبحت «مدام فاتن» أشهر من نار على علم، بعد ظهورها في مقطع فيديو تم تصويره عبر هاتف محمول، وهي توجه إهانات وتهديدات لرجل خمسيني وعسكري يقفان أمام جمعية استهلاكية في دمشق، وتقوم بطردهما دفاعاً عن زميلها، الذي تلاسن مع الرجلين في بداية الفيديو، رافضاً القيام بعمله بحجة انتهاء الدوام الرسمي.
هكذا وجد السوريون مادة دسمة للسخرية والانتقاد، على اعتبار أنّ المدام فاتن، تمثل نموذجاً للموظف الحكومي الغارق في الروتين، والذي لا يراعي ظروف المواطنين، ويوجه لهم الإهانات وينتقص من كرامتهم.
كالنار في الهشيم، انتشرت قصة المدام فاتن في سوريا، وانهالت آلاف التعليقات على الفيديو القصير، والتي ركزت بداية على سلوك الموظفة المسيء، ولكن سرعان ما تحوّل الأمر إلى إهانات شخصية طالت شكلها وملابسها ولهجتها، بأقذر العبارات والأوصاف، حتى وصلت الشتائم إلى عائلتها، وتم تصميم عشرات الصور الكوميدية المسيئة للموظفة.
ووصل الأمر بالبعض لتعميم حسابها على فايسبوك، وتوجيه الدعوات للدخول إلى صفحتها وشتمها، وبالفعل كتب هؤلاء عشرات الآلاف من التعليقات المسيئة والتهديدات على منشوراتها وصورها.
مدام فاتن التي تبرأت منها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، كانت منهارة في البداية ورفضت الحديث، وقدمت في ما بعد اعتذاراً عن التصرف المسيء معترفة بخطئها، وأنها لم تكن تقصد الإساءة، وأن ما قامت به كان دفاعاً عن زميلها واعتبرت أن المواطن تصرف بطريقة غير لائقة. وقالت فاتن إنها سترفع دعوى ضد من شهّر بسمعتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضحت أن كل إنسان معرّض للخطأ، مشيرة إلى أن المؤسسة التابعة لها تقوم باتخاذ إجراءاتها وأخذت أقوالها في ملابسات الحادثة. ووجهت فاتن رجاءً للناس لحذف المنشورات والتعليقات المسيئة احتراماً لعائلتها وابنها، مؤكدة أنّ أحداً من منتقديها لا يجرؤ على الحديث عن السرقات والقتل الذي يجري في البلد.
خلال ساعات قليلة، تحولت فاتن الدخيل من جلاد إلى ضحية للتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع المئات من الناشطين إلى الدفاع عنها، ووجد هؤلاء أن سلوك الموظفة المسيء وغير الحضاري لا يبرر التعرض لها شخصياً، وكتابة تعليقات عن «الشرف» أمر معيب، وحذر هؤلاء من عواقب التنمر الذي تعرضت له. ورأى البعض أن فاتن نموذج للموظف السوري، موجود في كل مكتب وزاوية من المؤسسات الرسمية وجميع السوريين تعودوا على عبارة «تعا بكرى» في المؤسسات الحكومية، عدا عن الصراخ والشتائم، والرشاوى التي أصبحت ثقافة في تلك المؤسسات التي أنهكها الفساد والترهل.
ولكن سوء الحظ جعل فاتن عرضة للتصوير بكاميرا «خفية»، ومع ذلك لا يمكن لموظف صغير تحمل مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة خلال ٥٠ عاماً كما قالوا.
فيما وجد آخرون أن هذه الحادثة ستكون درساً قاسياً لكل موظف يحاول إذلال وإهانة مواطن أو إغلاق الباب في وجهه.
ورأى بعض المغردين أن المواطن والموظف مظلومان في سوريا، فكلاهما ضحية: موظف راتبه لا يتعدى 50 ألف ليرة سورية، ومواطن يرزح تحت خط الفقر.
خطفت مدام فاتن الأضواء بسرعة من وزير النفط السوري الذي أخلف بوعد قطعه على منبر التلفزيون السوري بعدم رفع أسعار البنزين والمازوت، في بلد أصبحت الطوابير سمة مميزة له!.
https://youtu.be/IzlTpnyeDH0