قبل نحو ثماني سنوات، اختفى الإعلامي السوري أحمد فاخوري عن شاشة التلفزيون السوري فجأة، بعد رفضه سياسة الشاشة الرسمية في تغطية الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ العام 2011. تعرض فاخوري للتحقيق ومُنع من السفر، وظل متوارياً عن الأنظار لأشهر عدة، أعلن بعدها أنه استطاع مغادرة البلاد، وتنقل بين مصر وتركيا، واستقر في نهاية المطاف في المملكة المتحدة، وبدأ هناك بتقديم الأخبار والحوارات على شاشة «بي بي سي» العربية في لندن.وكانت النقلة النوعية لابن محافظة حماة السورية في العام 2017، عندما بدأ بتقديم برنامج «ترندينغ» على «بي بي سي»، والذي يهتم بعرض مُحتوى شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب زميلته رانيا العطار، مع فريق عمل يرصد أهم المواضيع المثيرة للجدل في العالم الافتراضي.
هكذا كسر «ترندينغ» نمطية وروتين الشاشة العريقة والرصينة، وشكل نشرة إخبارية غير تقليدية تقدم الحدث من زاوية مختلفة، وناقش انعكاس الخبر في الفضاء الافتراضي وتابع الهاشتاغات والتغريدات والتعليقات والردود. وقدم «ترندينغ» أنموذجاً مستقبلياً لنشرة الأخبار في عصر الهواتف الذكية وعالم ما بعد الحداثة.
ورغم وجود مئات القنوات الفضائية التي تقدم فقرة السوشال ميديا، إلا أن «ترندينغ»، بقي في المقدمة حاصداً ملايين المشاهدات والتعليقات عبر يوتيوب.
خلال ثلاث سنوات، لفت أحمد فاخوري (1978) الأنظار إليه في «ترندينغ»، من خلال أدائه وتعليقاته الذكية وخفة دمه، ولغته العربية المتمكنة وصوته المميز، وسلاسة انتقاله بين اللهجات، والتلوين في نبرة الصوت، وهو ما يظهر من خلال تعليقات المتابعين التي تثني على أداء فاخوري المتقن بعفوية في تقديم هذه النوعية من البرامج.
يتنقل فاخوري برشاقة بين التعليقات عبر شاشة تفاعلية كبيرة، مستفيداً من خبراته السابقة في العمل الإذاعي والحوارات التلفزيونية والتعليق على الأفلام الوثائقية.
وإلى جانب عمله في «ترندينغ»، ينشط على «يوتيوب»، ويتفاعل من خلال هذه المنصة مع متابعيه باللغة العربية الفصحى بأسلوب يمزج بين الجدية والفكاهة، ويجيب عن أسئلتهم. يكشف فاخوري من خلال قناته كواليس برنامجه ويقدم مقاطع فيديو عن الشعر العربي الذي يبرع في أدائه، ومواضيع ونصائح من الثقافة العامة وفنون التعليق الصوتي، إضافة إلى فيديوهات قصيرة عن يومياته وعائلته في لندن.
فرضت منصات التواصل الاجتماعي نفسها على الإعلام التقليدي والعاملين فيه، وتحول الأمر إلى صراع شرس بين الإعلام الجديد والقديم، وتبدو مقاربة القنوات الفضائية لمواضيع السوشال ميديا، مجرد محاولة لاستيعاب الوسائل الجديدة، التي فرضت بدورها صيغاً وقوالب وأسلوب عمل جديد على الإعلام التقليدي، في زمن لم يعد فيه الجمهور مجرد متلقٍّ سلبي، بل أصبح حضوره مباشراً في المادة الإعلامية وحتى بطلاً لها.