بعد إسدال الستار على نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي اتسمت بسباق محموم وغير مسبوق، لا بد من التوقف عند تغطية «الجديد» لهذه الإنتخابات. طبعاً استحقاق بهذا الحجم، شغل العالم أجمعه ووسائل اعلامه، ولا يمكن لأي قناة محلية الإدعاء بتغطيته بشكل مهني ومحترف، وحتى كبريات وسائل الإعلام التي أخذت تتنافس في ما بينها على كيفية تغطية الحدث والإلمام به من كل الجوانب. من جهتها، أوفدت «الجديد» اوفدت مراسلتها راشيل كرم الى واشنطن، منذ بدء الإنتخابات الأميركية. بدا واضحاً أن مهمة كرم، التي تظهّرت يوماً بيوم على الشاشة، انحصرت في الشارع المقابل لـ«البيت الأبيض» حيث المتظاهرون المعارضون لدونالد ترامب، في ساحة تملؤها الجداريات وحفلات الرقص ولافتات الإعتراض. منذ الأيام الأولى للتغطية، تصرفت كرم مع هذه الساحة على أنها من الساحات اللبنانية التي شهدت على اعتصامات 17 تشرين. هكذا، راحت تتنقل بين المتظاهرين الأميركيين الغاضبين، بشكل عشوائي وشعبوي على طريقتها التي اعتادت عليها في بيروت، وتترجم فحوى ما يدلون به، لا بل أيضاً تبني السياسة الأميركية الإستراتيجية تبعاً لهذه التصاريح. منذ تلك اللحظة، بات استغفال المشاهد واضحاً، لجهة اسقاط الحالة اللبنانية على ساحات واشنطن وما يجري فيها من غليان وانتظار للنتائج الحاسمة. ففي ظهور لكرم في برنامج المحطة الصباحي، استهجنت كيف يخفي اللبنانيون أسماء من اقترعوا لهم، مقابل «حرية الرأي والتعبير» الموجودة في أميركا، حيث يفصح الشعب هناك عمن اقترع لهم. تناست المراسلة اللبنانية استحالة المقارنة بين الشارعين والنظامين، بين ملايين من البشر تقترع لرئيسها، وبين بضع آلاف من اللبنانيين يقترعون لنوابهم. هكذا، اطيح بأدنى حد من المقارنة العلمية بين النظامين السياسيين اللذين يحكمان كل من الولايات المتحدة ولبنان، والوضع المعقد طائفياً وتاريخياً في بلاد الأرز. ويبدو أن هذا الأداء الذي حكم الأيام الأولى للتغطية من واشنطن، استكملته كرم أمس، مع تقرير عرض في نشرة الأخبار، يظهر أوجه الشبه بين ساحتيّ «رياض الصلح» و«الشهداء» وساحة Black lives Matter، في واشنطن. هكذا، وبثقة متناهية، أوردت هذه المقارنة، فخرجت بنتيجة أن الساحتين اللبنانية والأميركية تتقاطعان في «وحشة تعاطي قوى الأمن»، وفي الشكوى من غياب العدالة، وارساء التمييز العرقي والطائفي، وشتم الرئيس، وتدخل الدين في السياسة، ووجود «قبضة الثورة» التي تشبه تلك الموجودة في «ساحة الشهداء». باختصار، لم تقدم التغطية التي قامت بها كرم من واشنطن أي جديد، إذ كان من السهل أن تعيد قراءة ما تورده الوكالات العالمية حول النتائج وحركة التصويت والمواقف السياسة المختلفة، في ظل العجز عن الإفادة من هذا المحيط لتقديم تغطية مختلفة، بدل الركون الى مقارنات لا جدوى منها، سوى استغفال المشاهد، ولا ترقى الى مقاربة علمية وواقعية.