لم يمرّ أسبوع بعد على جريمة قتل زينة كنجو، حتى بدأ القاتل ابراهيم غزال يتنقل بين الشاشات. بعد التباكي الكاذب على كنجو، وتصدّر صورها وقصتها الإعلام اللبناني، وامتلائها بدموع ذويها، وهرب القاتل الى خارج البلاد، بدأ غزال بالظهور على المحطات، التي فتحت له الهواء ليبرر جريمته، ويخرج بمظهر النادم على ارتكابه جريمة «غير عمدية»! البداية كانت من mtv، مع المتخصص على ما يبدو في تلميع صورة المجرمين كما فعل قبلاً مع قاتل منال عاصي: سمير يوسف، الذي استضاف القاتل عبر الفيديو، وخصص له أكثر من 8 دقائق، ليأخذ دور المحقق، ويسأله: «ماذا فعل في تلك الليلة؟». تحت عنوان: «زوج زينة كنجو يروي للمرة الأولى: هكذا قتلتها وسافرت وهذا قراري النهائي»، بثت القناة هذه المقابلة، وفيها برّر القاتل جريمته وبأنه لم يكن يسعى الى قتل زوجته، بل فقط إلى اسكاتها بوضع يده على فمها، نافياً بأن تكون هناك دعاوى قضائية بحقه من قبل المغدورة، ومؤكداً بأنه لم يقم يوماً بتعنيفها. طبعاً، سرد غزال كل هذه الحفلة الدفاعية، من دون أن يتدخل يوسف، الذي لم يجد في جعبته سوى سؤاله: «من وقت الجريمة كيف عم تقضي وقتك؟»، أو يطلب منه أن يقدم اعتذاراً الى أهل زينة! ومن قناة «المر» الى «الجديد» التي أجرت أيضاً مقابلة أمس، في نشرة أخبارها مع القاتل، وحدّد فيها مكان تواجده على الحدود السورية-التركية، وتحديداً في «باب الهوى». في المقابلة، أكد غزال بأنه لم يقم بقتل زينة كنجو، وكان يقصد اسكاتها، وكرّر بأن لا دعاوى قضائية بينه وبين زوجته، ولم يحصل أي تعنيف أسري، قائلاً : «زينة توفت انا عم سكتها حتى ما تعلي صوتها»! وفي نهاية المقابلة، أبرز غزال عضلاته، وأوحى بأنه محمي قضائياً أو لديه نفوذ عندما قال بأنه اذا أراد «أن يقلب الطاولة رأساً على عقب، فلا احد يستطيع إيقافه دقيقة»، لكنه عاد وأكد أنه يتجه الى بيروت يوم غد لتسليم نفسه. في محصلة ما حدث في اليومين الأخيرين، مساحة غير مستغربة من الإعلام في افساح المجال أمام قاتل لتلميع صورته، ودفع التهم عنه. بلد تتكرر فيه الجرائم المماثلة، ويقف فيه الإعلام الى جانب الجلاد، بدل أن يشكل رأس حربة في الإقتصاص من جميع القتلة، وتحقيق العدالة، في صورة يعكسها أيضاً تلكؤ القضاء عن القيام بمهمته في تعقب الجاني.