أصدر فرع «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» في «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» (الوكالة الرسمية المعروفة ب وات) بياناً على أثر تعيين مدير عام جديد وهو كمال بن يونس أعلنوا فيه رفضهم التعامل معه أو الموافقة على تعيينه. هذا البيان الذي أطلعت «الأخبار» على نسخة منه صدر بعد اجتماع مشترك في مقر الوكالة بين فرع «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» وفرع «النقابة العامة للإعلام» (الاتحاد العام التونسي للشغل). أما سبب رفض المدير الجديد، فهو علاقته بحركة «النهضة» وبنظام بن علي الذي تعتبره النقابة نظاماً معادياً لحرية الصحافة وجاء في بيان النقابتين: «بعد المداولات والنقاش، أعلن العاملون في الوكالة بمختلف أسلاكهم، وبتأطير من فرعيْ النقابتيْن: رفضهم القاطع التعامل مع المدعو كمال بن يونس لما في سجله الشخصي، قبل الثورة، من انتهاكات لحرية الصحافة والتعبير والعمل النقابي الحرّ، وامتهان للدعاية للدكتاتورية، ومحاولات لضرب استقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، علاوة على تورطه في العنف ضد المرأة، ومواصلته، بعد الثورة، خدمة أجندات سياسية مفضوحة». ويضيف البيان: «دعوة رئيس الحكومة هشام المشيشي الى التراجع الفوري عن هذا التعيين السياسي الحزبي المفضوح والخطير، والنأي بالوكالة عن كل محاولات التدجين والتوظيف السياسي، وتحميله - شخصياً- مسؤولية تبعات هذا التعيين»وأعلن الصحافيون في الوكالة «الشروع، في مرحلة أولى، في اعتصام مفتوح في مقر الوكالة، للتعبير عن رفضهم القاطع لهذا التعيين، والدفاع عن استقلالية المؤسسة وحيادها».
وكان كمال بن يونس صاحب التجربة المهنية الطويلة في جريدة «الصباح» أعرق يومية تونسية، قد تولى إدارة إذاعة «الزيتونة» المملوكة لصهر الرئيس الراحل بن علي؛ صخر الماطري التي صادرتها الدولة بعد سقوط النظام السابق، وهو في الأصل من «طلبة الاتجاه الإسلامي» (الاسم السابق لحركة النهضة) مطلع الثمانينات. وفي التسعينات أصبح من الدائرة الإعلامية المقربة للنظام السابق، وكان له دور في انقلاب النظام على المكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحافيين. وبعد صعود حركة «النهضة» الإسلامية إلى الحكم، أصبح من المقربين للحركة وضيفاً دائماً على قناة «الزيتونة» المملوكة لقيادات من حركة «النهضة».
معركة الصحافيين من أجل استقلالية الاعلام ليست في «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» فقط، بل في إذاعة «شمس. أف. أم» المملوكة سابقاً لابنة الرئيس زين العابدين بن علي قبل أن تصادرها الدولة، وهي من أكثر الاذاعات استماعاً ويتهم فرع النقابة الوطنية للصحافيين في الإذاعة حركة «النهضة» بالسعي إلى وضع يدها على الخط التحريري للإذاعة من خلال تعيين مديرة جديدة من المقربين منها وهي حنان الفتوحي. كما اتهمت رئيس فرع النقابة خولة السليتي في مؤتمر صحافي الأثنين أن حركة «النهضة» وحليفيها في البرلمان «قلب تونس» و«كتلة ائتلاف الكرامة» المتطرفة والمعروفة بمعاداتها للإعلام، تسعى إلى تعطيل مسار خصخصة الإذاعة حتى يمكن للحزام الداعم للحكومة («النهضة»، «قلب تونس»، «ائتلاف الكرامة») توجيه الخط التحريري وفرض وصاية على الصحافيين.
هذا المسار الجديد للحكومة في الهيمنة على الإعلام اعتبره الصحافيون تهديداً جدياً للمكسب الوحيد الذي تحقق للتونسيين وهو حرية الصحافة. بعد انهيار نظام بن علي، تحرّر الإعلام ولم تستطع حركة «النهضة» منذ حكومتها الأولى في 2012 إعادة الإعلام إلى بيت الطاعة رغم العنف الذي مارسه أنصارها بدءاً من محاصرة مؤسسة التلفزة التونسية في اعتصام دام أكثر من شهر باسم «أعلام العار» وصولاً إلى تعنيف بعض الصحافيين والكتّاب وحملات شيطنة متواصلة على الشبكات الاجتماعية.
وفي السياق نفسه، تتعرّض مؤسسة «دار الأنوار» منذ أسبوعين إلى حملة شيطنة على الشبكة الاجتماعية بعدما نشرت صحيفتها الأسبوعية (أعرق أسبوعية في تونس) تقريراً حول ثروة زعيم حركة «النهضة» ورئيس البرلمان راشد الغنوشي.