تحلّ علينا بعد أيام قليلة الذكرى السنوية الأولى لتفجير المرفأ في الرابع من آب (أغسطس)، ولا شك في أنّ وسائل الإعلام المحلية والغربية على حدّ سواء، تعدّ العدّة لمواكبة هذه الذكرى، بكل ما تحمله من معان انسانية صعبة، مع ارتقاء أكثر من 200 شهيد، وجرح الآلاف في ذاك اليوم الأليم من تاريخ بيروت. لكن، على ما يبدو، فإنّ قيمة الشهادة، أو حتى استذكار هول الكارثة، لم ترق اليه بعد المحطات المحلية. إذ بدأت قبل أيام بالترويج لمواكبتها هذه الذكرى، عبر تخصيص مساحة برمجية، ودعائية، تستعيد فيها ما حصل في الرابع من آب، وتقصد فيه منازل عوائل الشهداء، أو حتى الناجين من المأساة. لكن، ومع اقترابنا أكثر من هذا التاريخ، يبدو أن بعض القنوات المحلية، تحاول الدخول في المنافسة، وإعلاء «دوز» الإثارة التلفزيونية، و«الدراما»، عبر تحويل تقارير إخبارية الى أخرى مصوّرة تحتوي على مساحة معتبرة من المؤثرات الصوتية والبصرية، كما حصل أمس، على lbci، التي طلبت من أحد عمال المرفأ الذي تقع على عاتقه مهمة رفع البضائع في شاحنة صغيرة، بأن يعيد تمثيل ما حدث في ذاك اليوم. هكذا، صعد الشاب الى الشاحنة الصغيرة، وأعاد تجسيد ما قام به في 4 آب، قبل نجاته من الحريق الهائل الذي طال العنبر رقم 12، في دقائق قليلة. في التقرير استذكار لرفاق الشاب الذين قضوا في الإنفجار، وطبعاً، تصوير على طريقة الكليب الغنائي أو اللقطات الدرامية، واستجداء لدموعه. إذ بدا في أحد المشاهد واقفاً أمام اهراءات القمح، تتوسطه الكاميرا وتدور من حوله فيما يغرق في دموعه مستذكراً ذاك اليوم الأسود. وعلى مقلب mtv، أثار الكليب الذي بدأت ببثه قبل أيام قليلة، بلبلة في الأوساط الشعبية، خاصة أنه يستخدم تقنية تركيب الوجوه على الأجساد واستنطاق الموتى. هكذا، وتحت عنوان «رسالة الى القضاء اللبناني» أنتجت قناة «المر» هذه المادة المصوّرة ولفتت الى أنها نفذت بالإتفاق مع عائلتي الشهيدين أمين الزاهد ورالف الملاحي، وعمدت من خلالها الى استنطاق هذين الشهيدين ونسج كلام على لسانهما بمحتوى أقل ما يقال عنه أنه فاقع، لا يحترم حرمة الموتى، ويقرر عنهم ما كانوا سينطقون به بعد رحيلهم. إذ يقول الشهيد الملاحي في الكليب :«من آلامنا وبقايا عضامنا، رح يتعمر لبنان جديد»، فيما يخرج الشهيد الزاهد ويؤكد بأن :«اجسادنا تحررت بس نفوسنا عم تتعذب»، في رسالة الى المحقق العدلي طارق بيطار كي يمضي قدماً، ويحقق العدالة. من جهتها، اكتفت «الجديد» بعنونة تغطيتها بـ «وحياة الي راحوا» المستعارة من أغنية منصور الرحباني، وعرض للقطات لما بعد الإنفجار في مناطق متفرقة من بيروت.