«قوى التغيير» مصطلح يلّف الشاشات اللبنانية اليوم ليعبّر سطحياً، عن تجمعات تدرج نفسها ضمن «المجتمع المدني» وتفرعاته، قررت خوض الاستحقاق الانتخابي المرتقب بعد أشهر قليلة. مصطلح لم يخضع للتفكيك في الإعلام بعد، وتظهير القوى المتداخلة فيه، ورؤيتها السياسية إلى البلاد. بل إنّ هذا الإعلام عمل على وضع كل هذه القوى ضمن سلّة واحدة، تحت راية «التغيير»، واستخدم لهذا الغرض أدوات مختلفة، يسهل العودة اليها، كنتائج تظاهرات «17 تشرين»، وانفجار المرفأ، والانهيار الإقتصادي والمالي، والغلاء المعيشي الفاحش، لإتهام السلطة الحاكمة بإيصال البلاد الى ما وصلت اليه، وبالتالي رفع أسهم «القوى التغييرية»، لإجراء «الإصلاح» المأمول. هذه القوى، وعلى تشعباتها، وتناقضاتها، في الخطاب السياسي، والايديولوجي، تتصارع اليوم في سبيل حصد الأصوات الإنتخابية، ولو كان الثمن التحالف مع قوى السلطة، التي يقوم خطاب هذه الجماعات في الأصل على الإقتصاص منها، وحتى السير في اتباع أسالبيها الملتوية لإقتحام خصوصيات الناخبين في الإغتراب. ومع همروجة تسجيل المغتربين التي تنتهي مهلتها في العشرين من الشهر الحالي، وحثّ وسائل الإعلام اللبنانيين هؤلاء على التسجيل لإحداث «التغيير»، تنشط في المقابل، ماكينة إعلامية، تعمد الى نشر نتائج إستطلاعات للرأي، أجريت أخيراً، لتثبيت معادلة فوز هذه القوى في الانتخابات. ظهر مدير عام شركة «ستاتيستيكس ليبانون» ربيع الهبر، على «صوت بيروت انترناشيونال»، ضمن برنامج «بدنا الحقيقة» ليؤكد أن هذه القوى ستحقق «الفوز الساحق»، في حال توحدت في الإنتخابات، وتحولها الى «قوة فاعلة». وها هي «الجديد» تدخل هذه الموجة أمس، مع تقرير إخباري، بعنوان «قوى التغيير الى الإمام».
تقرير يعرّج على خوض هذه القوى انتخابات الجامعات والنقابات، ويستضيف مدير مكتب «الإحصاء والتوثيق» كمال فغالي. اللافت هنا، أن الأخير أو حتى المحطة ركزت حصراً على خارطة الإنتخابات لدى المسيحيين، مع الجزم بأن «التيار الوطني الحر» يعدّ «الخاسر الأكبر» حسب فغالي، مع تراجع واضح لدى الشارع المسيحي، لصالح «قوى التغيير» التي ستحصد 40%، من الأصوات. ومرّر نتيجة استطلاع رأي عن القيادات اللبنانية، وانتقى حصراً هذه المرة أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وقال بأن تقييمه لدى اللبنانيين انخفض من 8.3 /10 في العام 2009، الى 3.5/10، في العام الحالي. وعلى مقلب lbci، قام ألبير كوستانيان، المرشح في الأصل للانتخابات النيابية ضمن هذه القوى، مع فارق تحالفه مع «الكتائب»، بتخصيص حلقة من «عشرين 30» للحديث عن التأثير السياسي للمغتربين، وجلّ ضيوفه حثوا على انتخاب هذه القوى لإحداث «التغيير». كما نشرت الحلقة مجموعة من الإحصاءات صدرت عام 2018 إبان الإنتخابات النيابية السابقة، تظهر حصد قوى السلطة لـ94% من اصوات الإغتراب، في مقابل 6% فقط لما يسمى «مستقلين» وقتها. إذاً، تنشط هذه الأيام بقوة، الماكينات الإعلامية الإنتخابية، وتحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تدفع صوب دعم هذه القوى، والترويج لها، وحتى اعطاء الإنطباع بأنها ستكتسح نتائج الانتخابات المقبلة، من دون أن تقدم في المقابل، تشريحاً لهذه القوى، وتصنيفها وصراعاتها، وحتى التباس هويتها السياسية في استكمال لسياسة تضليل الناس.