مع قرار القاضية غادة عون مجدداً بالإدعاء على حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، بجرمي «الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال»، بعد توقيف شقيقه رجا وإعلان المصارف الإضراب ليومين، تنقسم الشاشات مجدداً عامودياً في هذه القضية، إذ بات الصراع أوضح في ما بينها بعد سلسلة الإدعاءات والقرارات القضائية التي تتخذها عون بحق المصارف والحاكمية ومن يدور في فلكهما. صحيح أن هذه الإستدعاءات والتوقيفات تسهم في تحقيق المحاسبة المطلوبة وتساند المودعين، لكن بعض الإعلام اللبناني يصرّ على الهجوم على القاضية عون، والدفاع المستميت عن سلامة وحزب المصارف، والتهويل على المودعين بخسارة أموالهم. هكذا، على مدى أكثر من اسبوع تنشغل الشاشات بهذه القضية التي تكبر مع الوقت، ويزيد عدد المدعى عليهم، مقابل صراع واضح بدأ يتجلى ظاهره إعلامي وباطنه سياسي، ينذر بحرب شرسة بين الأطراف المعنية. مع وقوف mtv، الى جانب المنظومة المصرفية ودفاعها الأعمى عن سلامة وما يدور في فلكه، تقف على الضفة المقابلة otv، التي تنشر السردية المضادة وتلجأ الى لعبة الوثائق لإدانة الحاكم عبر برامجها السياسية أو نشرات أخبارها المسائية. أمس، ومع الإدعاء على سلامة، وعلى شقيقه وصديقته آنا كوزاكوفا التي تملك بعض الشركات المتهمة بجرمي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، «انتفضت» mtv، وراحت تهوّل على اللبنانيين وتؤكد بأن ما يحصل هدفه «تغيير النظام المصرفي اللبناني»، و«تغيير الوجه المالي والمصرفي للبنان»، واتهمت المحطة في مقدمة نشرة أخبارها عون ومن «يقف وراءها» بـ «تنفيذ مخطط سياسي محلي اقليمي يستهدف ضرب لبنان الذي نعرفه». وفي تقريرين منفصلين عرضا أمس على الشاشة عينها، أسفت الأخيرة بأن مجلس الوزراء «لم يكبح جماح» غادة عون، ولم يستطع القضاء «تجميد حركتها»، ووصفت ما يجري بـ «الخطير جداً». كما عرّجت على قضية شركة مكتف المتهمة بتهريب الأموال الى الخارج والمساهمة في انهيار الليرة، واصفة تدخل عون في هذه القضية بـ «التجاوزات القضائية». واتهمت القضاء أيضاً بـ «التسييس». على مقلب otv، حضّرت الأخيرة أوراقها وعرضتها في برنامج «ساعة الحقيقة» وفي نشرة أخبارها المسائية. وثائق تؤكد تورط سلامة وشقيقه وصديقته في تبييض الأموال والإثرء غير المشروع. إزاء هذه المشهدية، نكون أمام صراع مفتوح بين القنوات اللبنانية. صراع وصل الى حده الأقصى في التخندق السياسي، وأسهم في تعرية المطالبين بالمحاسبة واللجوء الى المؤسسات والقضاء!.