أسدل أخيراً الستار عن الإنتخابات النيابية، لتنخفض بعدها الخطابات النارية والتحريضية التي شابت الحدث. انتهت الإنتخابات لتفتح أسئلة أخرى حول موازين القوى، وتوزعها داخل المجلس النيابي، وتشرع معها توازياً معارك جانبية ظلت نيرانها مشتعلة حتى بعد انتهاء الحدث. فاللافت في التغطيات الإعلامية لمرحلة ما بعد الإنتخابات، التركيز على قوى تسمى «تغييرية» استطاعت العبور الى المجلس، والى جانبها شخصيات تكنّى بـ «الصقور» وتتسم بخطاب تحريضي وعالي السقف، يمكن اختصارها بشخص اللواء أشرف ريفي، الفائز أخيراً في هذه الإنتخابات. الرجل الذي انقلب على سعد الحريري، وواصل هجومه عليه، لا يوفر فرصة الا ويعلي السقف توازياً ضد «حزب الله»، وما يسميه بـ «المشروع الإيراني» في لبنان. ظهر ريفي مراراً على شاشات محلية، وكذلك على «الحدث» السعودية. لكن اللافت أمس، استضافة «تلفزيون لبنان» له، في حلقة خاصة أدارها وليد عبود. التلفزيون الرسمي الذي عادة ما يلتزم سياسة الحياد، وملزم بالتالي بإقامة توازن بين القوى السياسية، خرج أمس، عن هذه الدائرة، لأسباب غير واضحة الى الآن، واستجلب لهذه المهمة وليد عبود، رئيس تحرير أخبار mtv، والعامل كذلك في منصة «بيروت انترناشيونال» التي يملكها بهاء الحريري. ساعة و18 دقيقة، مدة مقابلة، حملت مضامين سياسية فاقعة، جالت على نتائج الإنتخابات، وعلاقة ريفي بالحريري، وبـ «حزب الله» و«العهد». هكذا، ظهر ريفي دون غيره من المرشحين الفائزين، على الشاشة الرسمية، واصفاً الحريري بـ «الفاشل»، و«المسؤول عن التشرذم السني». وبعد تلاوة عبود لاستهلالية تفخيمية بضيفه، واصفاً إياه بـ «الظاهرة» و«المتألق في السياسة كما العسكر»، راح ريفي يتهم المقاومة بالهيمنة، وبـ «اغتيال شهداء الأرز»، وذهب أبعد من ذلك، عبر وضعه الحزب و«داعش» في الميزان عينه. إذ قال إنّ «داعش وحزب الله وجهان لعملة واحدة». وكشف نيته تسمية سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، لـ«يقاتل المشروع الإيراني سياسياً» ويحجب عنه «غطاء رسمياً للسلاح». إذاً، بعد أخذه مسافة من جميع الأفرقاء إبان الإنتخابات النيابية، ها هو التلفزيون الرسمي يدخل مرحلة الخندقة كما باقي القنوات المهيمنة، في خطوة تفتح على إشكاليات عدة أبرزها يتعلق بالسياسة التحريرية، وبتحويل الشاشة الرسمية الى منبر عدائي وتحريضي وتقسيمي!