في الاستديو الذي ضمّ حاكم «مصرف لبنان»، ومقابلته الشهيرة في كانون الثاني (يناير)، الماضي، وفي الاستديو الذي دافع بشراسة عن المنظومة المصرفية، وفرض أجندته السياسية على أفرقاء دون آخرين، استقبل الاستديو نفسه أمس من يقدمون أنفسهم على أنهم «تغييريون» و«ثوار»، ونواب جدد في الندوة البرلمانية الحديثة. انه باختصار استديو «صار الوقت» (mtv)، الذي اختلق أمس، حفلة استعراضية مكتملة العناصر، لإستضافة الوجوه النيابية الجديدة، بعدما اتكأ مجدداً على ذاكرة الناس القصيرة، ولعب على حبال متعددة تحمل لواء «التغيير»، و«الثورة»، وتمتطي في الوقت عينه، منظومة المصارف وربها الأعلى، ويتحلق حولها سياسيون من طيف واحد. أمس، خصص «صار الوقت» حلقة وصفها بـ «الإحتفالية»، وبـ«باللحظة العظيمة» لاستقبال هؤلاء النواب، لنضحي في نهاية المطاف أمام حفلة استعراضية استخدمت فيها جميع العناصر البصرية والمسرحية، بين جمهور حاضر في الاستديو مدّرب على حفلات التصفيق والمداخلات وشدّ العصب، وبين كاميرات تصول وتجول على وجوه هؤلاء النواب الجدد ورفاقهم الذين رسبوا في العملية الإنتخابية. تركيبة أراد «صار الوقت» إيصالها، أكثر من تركيزه على المضمون والبرامج الإنتخابية، ومشاريع هؤلاء. بين حفلات التصفيق والوقوف واستعراض الكاميرات وتوزيع الورود البيضاء، الى جانب استعادة مقابلات أرشيفية مع هؤلاء قبيل انتخابهم، سارت الحلقة، التي دخلت فيها المحطة بثقلها، إما عبر المايسترو مارسيل غانم، الذي فرض على هؤلاء النواب وضع «محاسبة القضاء العسكري» على جدول أعمالهم، مروراً برئيس مجلس المحطة نفسها ميشال المرّ الذي تدّخل مرتين في الحلقة، عبر وسيطه غانم، طالباً في المرة الأولى «إهداء الحلقة الى علاء أبو فخر»، وفي المرة الثانية، عارضاً فتح مكاتب المحطة لتكون «مقراً للقوى التغييرية»، واجتماعاتها، واضعاً هيئة من المستشارين في الإعلام والإتصال والإقتصاد والسياسة في خدمتهم. أضف إلى ذلك ما أسماه غانم بـ «مرصد خطاب التغيير»، الذي سيتولاه جان نخول الذي «سيرصد» خطاب هذه الوجوه، ومدى تحقيق برامجها الإنتخابية على مدى 4 سنوات. هكذا، تكتمل الصورة، من محطة ارتبطت بقضية فساد تتعلق بالتخابر غير الشرعي، ومن قناة جنّدت نفسها لتتحول الى بوق يرتزق مستخدماً التحريض والتزوير، وبالدفاع المستميت عن حاكمية «مصرف لبنان»، لتضم اليها هذه الوجوه وشعاراتها، وحملها لقضايا الناس! تركيبة هجينة وربما، صائبة في اكتمال هذين المشهدين الاعلامي والسياسي، واختلاط المفاهيم «الثورية» مع منظومة الفساد والإرتزاق ونهب أموال الناس. تركيبة تنجح بالطبع، عبر استخدامها ادوات مخادعة واستعراضية تطغى على أي نقاش معمّق آخر!.