«مقاومتنا ثقافة وحياة وفن وأمل وانتصار دائم لبيروتنا الأبية، خذوا مقاومة الموت وارحلوا ودعونا نعيش بسلام»، تغريدة دوّنتها امس، إحدى اللبنانيات العاملات في إعلام محمد بن سلمان، تعليقاً منها على حفلة «ليلة أمل» التي أقيمت في «فوروم دو بيروت»، وأحيتها هبة طوجي وزوجها العازف ابراهيم معلوف، باشراف موسيقي من أسامة الرحباني. تغريدة أعادت تذكيرنا بالحملات السياسة الإعلانية التي خرجت بعيد اغتيال رفيق الحريري في شباط (فبراير) عام 2005، بين تقسيم اللبنانيين بين محبي «للحياة» وآخرين لاهثين صوب «الموت» أي المقاومة بوصفهم. حملات أرادت في تلك المرحلة ضرب مفهوم المقاومة، واختصارها بارتداء السواد وطلب الموت، ونبذ الحياة. وها هي الحملات عينها تعود الى بيروت، من بوابة حفلة موسيقية، عرابتها mtv، التي تتفن هذه الأيام في ارتداء ثوب «التغيير» واحتضان قواه، ونبذ النظام. ولعلّ أبرز تجلياتها ظهرت في حلقة «صار الوقت» الأخيرة، مع استضافة المحطة للنواب «التغييرين» الجدد، وفتح مكاتبها أمامهم، ووضع بين أيديهم مستشارين في الإعلام والسياسة والإقتصاد. ميشال المرّ رئيس مجلس إدارة mtv، الذي خرج اسماً على لسان وسيطه مارسيل غانم وقتها، حضر شخصياً هذه المرة في حفلة «ليلة أمل»، وجنّد فريقه التقني والفني للعمل في انجاز هذا الحدث. الحفلة التي نقلت أمس، على هواء mtv، أريد لها كما يقول المنظمون إعادة الحركة الفنية والثقافية الى بيروت بعد جائحة كورونا وتفجير المرفأ، ووصفها الرحباني بـ «المقاومة الثقافية والفنية والفكرية». لكن الناظر في العمق يلحظ هذه التركيبة البصرية السياسية التي دخل فيها الفن هذه المرة، من بوابة «الثورة»، وأغنية «لازم غيّر النظام» (كلمات: غدي الرحباني-ألحان: أسامة الرحباني)، التي افتتحت بها الحفلة، وتلاقيها مع ما تجهد به هذه الأيام mtv، كحاضنة لهذه الأجواء «التغييرية»، واستعادة «وجه لبنان الحقيقي»، وتشويه مفهوم المقاومة المسلحة. وليكتمل المشهد، ظهرت اليسا على المسرح، بعدما حلّت قبل أيام على شاشة «المرّ» لتتهم المقاومة بأنها ارتكبت فظائع أكثر من «اسرائيل»! ويوكل اليها تكريم ذكرى الياس الرحباني، وتتحدث بعدها عن اكتمال «مسيرتها الفنية»، بعد وقوفها على «مسرح الرحابنة»! إنّها باختصار مشهدية هزلية، تكتمل فيها عناصر الفنون واللعبة البصرية والرسائل السياسية، يحاول فيها المرّ وقناته ارتداء عباءة «التغيير» وضرب مفهوم المقاومة بعدما فشل هذا الأمر في السنوات الماضية.