لم تهدأ العاصفة التي هبّت غداة انتخاب رئيس للبرلمان ونائب له. الإستحقاق الذي أفرز القوى السياسية داخل المجلس وكشف اصطفافاتها، أشعل في التوازي غضباً على قوى «التغيير» التي انخرطت في اللعبة السياسية واقترعت لمرشح «الإشتراكي» غسان سكاف في الدورة الثانية، المنافس للياس بو صعب، على منصب نائب رئيس المجلس النيابي. هذا الإنخراط الذي ظهّر تموضع هذه القوى، وانقلابها على خطابها «الثوري» المناهض للطبقة السياسية، انعكس إعلامياً، وانقسم بدوره، بين قنوات راحت تعلي الصوت أكثر تجاه هذه القوى، وتهاجمها، وبين أخرى تبرر فعلتها، وتحاول التخفيف من وطأة ما حدث يوم الثلاثاء الماضي. واللافت هذه المرة انقسام حلّ على القناة نفسها، في برامجها المختلفة، وغياب استخدامها لاستراتيجية موحدة. بعد هجوم mtv، على هذه القوى ووصفها ما حدث بـ«الفشل» واتهامها هؤلاء النواب بالإستعراض، حاول مارسيل غانم، أول من أمس كسر هذه الحدية في برنامج «صار الوقت» الذي استضاف نائب رئيس المجلس الياس بو صعب. ففي استهلالية البرنامج، لفت غانم الى أن هؤلاء النواب كانوا «مضطرين» للتحالف، بسبب صغر حجم كتلتهم وعدم قدرتهم على فرض معادلات في المجلس من دون الإستعانة بأصوات إضافية. دعا غانم الى عدم «شيطنة التغييرين»، لأنهم وجدوا «تموضعات معينة»، فيما فضحت النائبة حليمة قعقور، كواليس التصويت لسكاف، وقالت في برنامج «بيروت اليوم» (mtv)، بأن هذه الكتلة لجأت لهذا التصويت لتصطف ضد «المحور العوني/ حزب الله». وادعت أن سكاف يندرج ضمن فئة «المستقلين» حتى لو رشّحه وليد جنبلاط!
على ضفة «الجديد»، حضر ابراهيم منيمنة، الذي نفى بدوره اتهام «التغييرين» بالإصطفاف «تحت عنوان واحد». وفي برنامج «هنا بيروت»، أكد منيمنة على التمايز بين القوى السياسية، ومحذراً في الوقت عينه من «صبغ» هؤلاء النواب بلون واحد. وعلى القناة نفسها، هاجم برنامج «فشة خلق» أمس، مارك ضوّ، الذي انتشر له فيديو يدوس على رؤوس أبناء بلدته، كنوع من الإحتفال بفوزه. وشهر البرنامج سلاح المحاسبة لهؤلاء النواب، ورفع شعاري «ما في يا أمي رحميني»، و«الغلط مش مسموح» . وأدرج تصرف ضو، ضمن الإقطاعية السياسية، و«السقطة الي ما لازم تتكرر». هكذا، بجردة سريعة، تتخبط قنوات «الثورة» حتى ضمن أجندتها الواحدة، في جلد أو تبرير ما فعله «التغييريون» في المجلس، لنكون مشهدية إعلامية تتصارع فيها المصالح والتوجهات، في محاولة «لترقيع» ما اقترفه هؤلاء في الإستحقاق الإنتخابي الأخير.