سوريا تتنفّس... كرة سلّة!

  • 0
  • ض
  • ض
سوريا تتنفّس... كرة سلّة!

البلاد التي يحاصرها الجوع ويتفنّن في إذلالها العوز والفقر ويزيد من عذابها مسلسل الخدمات المتردية وشحّ الأساسيات وغياب البديهيات، صارت تحتاج إلى دفقات مبالغ فيها من الطاقة الإيجابية، ومحاولة عدل المزاج، وضخّ الحماس في عروقها المهترئة! لا شيء ينفع أكثر من الرياضة! كرة القدم تقريباً غسل الجمهور السوري يده منها. بقيت مساحة ضوء يسيرة في كرة السلة، لإمكانية تأهيل الصالات وقدرة منتخب سوريا على المنافسة في كأس آسيا والبطولات العربية، عدا تقوية الـ «فاينال فور» في الدوري السوري من خلال السماح للأندية بالتعاقد مع لاعبين محترفين بمعدل لاعبَيْن لكلّ نادٍ. وبالفعل، تعاقدت الأندية مع لاعبين أجانب بعضهم من الولايات المتحدة التي تُعتبر قبلة هذه اللعبة، وهو ما يساهم في رفع سوية الأداء، إضافة إلى أنّ الحالة صنعت من الدوري حالة جماهيرية وفرجة شعبية ساحرة .حصل ذلك بعد أن تسلّم الكابتن طريف قوطرش رئاسة اتحاد كرة السلة في الانتخابات الأخيرة، وفهم الوضع سريعاً كونه أحد أهم لاعبي السلّة في سوريا تاريخياً. أكمل إجراءات رفع الحظر عن الصالات السورية، الذي كان مفروضاً واستقبل فريق كازاخستان بعد تأهيل لصالة «الفيحاء» في دمشق، ثم عند حلول النافذة الثانية في تصفيات كأس العالم، كان على فريقي البحرين وإيران أن يحلّا ضيفين على سوريا، لكن تأثّر الأمر بالعدوان الصهيوني على مطار دمشق وإخراجه من الخدمة، فكان القرار بنقل المباراتين إلى حلب، عاصمة الاقتصاد السوري وعروس الشمال التي نزفت إلى حدّ الوجع خلال سنوات الحرب، من دون أن تتمكن الدماء التي سالت في شوارعها من إبعاد جمهورها عن عشق الرياضة. هكذا، كان على اتحاد كرة السلّة أن يسافر إلى حلب ويعيد تأهيل صالة «الحمدانية» بطريقة لافتة، وينظّم اللعبتين. واحدة جرت يوم الجمعة الماضي، والثانية يوم أوّل من أمس. المشهد كان متوهّجاً خاصة في اللعبة الأولى لدرجة تدرك فيها أن هذا الشعب يليق به الفرح فعلاً. لا يوجد خرم إبرة فارغ في الصالة. الأعلام السورية تزيّن المكان. النشيد الوطني عزف بنبض القلب. التشجيع في أرفع درجاته. كلّ شيء متقن لدرجة لافتة. لحظة اتّقاد هاربة من هذا الجحيم الذي نعيشه. على كلّ الأحوال، الحدث استثنائي لا يتمثّل بفعالية رياضية فقط، بل يتعداه ليكون رسالة سياسية واجتماعية صادقة تقول بصراخ عالٍ: هذه البلاد لا يمكن أن تموت مهما علا صوت أنينها!

0 تعليق

التعليقات