تجمّع حقد قناة mtv ونكدها مع «ولدنتها» وإفلاسها السياسي، فأنتجت تقريراً إخبارياً مساء الأربعاء همّه الوحيد التصويب على «الأخبار» من باب تعاطيها مع قضية صفقة المطار. عن طريق السفسطة والاجتزاء، أخذت القناة ما يعنيها ويخدمها في أجندتها وراحت تدّعي العفّة، منصّبةً نفسها شرطي محاربة فساد، هي التي تلاحقها قضايا وأحكام في الفساد ومشتقّاته، وهي التي لا تفوّت ثانية من هوائها للدفاع المستميت عن تحالف المصارف والكومبرادورات ورعاتهم الغربيّين، وكلّ من يلهو في حقلهم المعجمي. وهنا بيت القصيد، إذ إنّ نبرتها الاستعلائية في معارضة صفقة المطار لا تتعلّق بتاتاً برفضها الفساد، بل كلّ ما في الأمر أنّ رئيس مجلس إدارة «طيران الشرق الأوسط» المقرّب منها، كان من أشدّ رافضي المشروع، وهي تقدّم فروض الطاعة له.أولى جُمل تقرير قناة المرّ كفيلة بأن تعرّي نوايا معدّيه، وهي سياسية بحت بأفضل الأحوال، تُظهر إفلاسها، فليس لديها شيء تقنع به مشاهديها غير عبر محاولة شدّ العصب. إذ تبدأ بإشارتها إلى «صحيفة «الأخبار» المقرّبة من حزب الله وإيران»، وهنا يتّضح أنّها تحاول استمالة «جمهورها» من يمينيّين وانعزاليّين وليبراليّين ممّن «يَنقزون» بمجرّد سماع أحد الاسمَين، واللافت أنّها أضافت «إيران» هذه المرّة لـ«تقوية الدوز»، علماً أنّ أحد أقطاب المشروع العتيد شركة «LAT» السعودية.
يكمل التقرير بالاجتزاء من مقالَين نشرتهما «الأخبار» عن ملفّ إنشاء مبنى جديد في المطار، ويدّعي أنّ سبعة أيّام فصلتهما، رغم أنّ الأوّل كان في عدد 23 آذار والثاني في عدد 28 آذار 2023. ثمّ يدّعي أنّ التناقضات تعتريهما، ويكيل الاتّهامات للجريدة بأنّها «تحوّلت من النكران إلى الاعتراف» و«روّجت للمشروع» قبل التراجع عنه و«تلوّنت»! ثمّ يسأل «شو عدا ما بدا» ليوحي بأنّه «كمش» أمراً على أحد «الخصوم».
تقارن القناة بين عنوانَي المقالَين، فتعتبر أنّ الأوّل «توسيع المطار: مبنى للرحلات العارضة والسياحية بـ147 مليون دولار» كان «لطيفاً وتسويقياً» بالمقارنة مع الثاني «صفقة المطار: القرار عند ديوان المحاسبة» الذي اعتبرته «عريضاً»، وتعتبر ذلك، لسبب ما، «تناقضاً». ثمّ تردف إنّ «الأخبار» خصّصت صفحةً كاملة للمقال الثاني، علماً أنّ الأوّل امتدّ على صفحة أيضاً!
ثمّ تفتعل القناة وجود تناقض زور وبهتان باجتزائها مقطعاً من المقال الأول: «بدأت تظهر نتائج الضغط الذي يتعرّض له المطار بسبب انهيار أعمال التشغيل والصيانة، من انعدام صيانة الحمّامات، إلى انعدام التكييف، وتقلّص عدد الموظفين... خلق الأمر فوضى كبيرة في سير الأعمال في المطار ازدادت بالتوازي مع زيادة عدد الركاب بنسبة 47% في عام 2022 لتبلغ 6.4 ملايين راكب، أي ما يفوق الطاقة الاستيعابية القصوى حالياً، وستصبح أكبر في السنوات المقبلة، إذ يتوقع أن يتجاوز عدد الركاب في عام 2023 نحو 7 ملايين. في هذا الإطار، طلبت وزارة الاشغال من الاستشاري «دار الهندسة - شاعر ومشاركوه»، باعتبارها الشركة التي كلّفها الرئيس الراحل رفيق الحريري الإشراف على عمليات المطار سابقاً، أن تعدّ دراسة تهدف إلى إنشاء محطات ركاب جديدة في المنطقة الشرقية من المطار». وفي وصفها لهذا المقطع تقول «قبل سبعة أيّام أوردت الجريدة مبرّرات وحججاً لهذه الصفقة وكأنّها تردّ على كلّ ما يقال في وسائل الإعلام». ثمّ تقول القناة «اليوم فتبدّلت المقاربة»، مجتزئةً المقطع الأوّل من المقال الثاني.
لكن ما الذي قيل في وسائل الإعلام تحديداً؟ عندما نشرت «الأخبار» مقالها الأوّل، كان الجميع منشغلاً بسخافات التوقيتَين الشتوي والصيفي، وأوّلهم القناة التي تريد تلقين غيرها الدروس فيما كانت تغرق بـ«دبق» الطائفية والفدرالية. بقراءة المقال الأوّل كاملاً، يمكن استنتاج أنّه ليس هناك أيّ نوع تسويق، بل هكذا تكون الصحافة الموضوعية التي لم تسمع بها القناة، و«المبرّرات والحجج» هذه لم تكن سوى الأسباب التي استندت إليها وزارة الأشغال العامّة. و«الأخبار» في هذه الحالة تقوم بدورها بـ«الإعلام»، خصوصاً أنّ الصفقة كانت «طازجة» بعد مؤتمر صحافي لوزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، ولم يكن أحد قد ذكر أيّ شيء يتعلّق بقانون الشراء العام، ولا حتى رئيس هيئة الشراء العام جان العلية! لكن عند نشر المقال الثاني، كان حدث جديد قد طرأ؛ بحسب كلمات المقال نفسه «سارع الوزير حمية إلى الطلب من الرئيس ميقاتي إبداء الرأي بهذه الصفقة وبكل الصفقات المماثلة والمشابهة التي نفّذت سابقاً على ديوان المحاسبة. وقد وافق ميقاتي على الأمر، ما يعني أنّ ديوان المحاسبة سيكون أمام مهمّة شائكة». من هنا أيضاً يمكن تفسير إيراد الجريدة في المقال الثاني أنّ الوزير «أخطأ»، إلّا إذا كان المطلوب من «الأخبار» أن تحذو حذو mtv في التسرّع والتهوّر والاستهتار وكيل الاتّهامات من الدقيقة الأولى وقبل معرفة كامل تفاصيل الخبر المنقول.
يجب على قناة المرّ أن تعلم أنّ ما قالته في تقريرها هو الدليل الأوّل على موضوعية «الأخبار»، إذ إنّ الأخيرة انتقدت الطرف الذي تتّهم القناة الجريدة بأنّها محسوبة عليه، فهل تتجرّأ mtv على انتقاد أيّ من الأطراف المقرّبين إليها حتى لا نقول المحسوبة عليهم؟ وهل تتجرّأ على نقل فضائح التحقيقات مع رئيس مجلس إدارة مصرف «SGBL» أنطون الصحناوي المقرّب منها، الذي هرّب دولارات اللبنانيين في آب 2019 مفتتحاً مسلسل المضاربة على العملة الوطنية؟