حين تعرّت علياء المهدي أمام السفارة المصرية في السويد قبل شهرين، كان ذلك احتجاجاً على الدستور الإخواني، ورفضاً أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع. صحيح أنّ خطوتها لم تأت ثمارها، بل على العكس أثارت ردود فعل شاجبة، حتى أنّ «حركة 6 أبريل» تبرأت منها! خطوة الناشطة جاءت بالتنسيق مع حركة Femen الأوكرانية التي تتخذ من «الثدي العاري» سياسةً في تحركاتها الاحتجاجية. هؤلاء النسويات يسعين لاستقطاب الرأي العام إلى قضايا المرأة، وبما أنّ الإعلام «يحبّ منظر الثدي» ــ حسب المناضلات المذكورات ــ فقد لجأن إلى مبادرتهنّ الإستفزازيّة ضمن نهج سياسي بامتياز.
بغض النظر عن الجدل الذي يثيره الموضوع بين المنظّرات النسويات حول اللجوء إلى العري للتأثير بالرأي العام، إلا أنّ الحركة نجحت في استقطاب الأنظار بفضل هذه التقنية الراديكالية والاستفزازية. والسؤال المطروح اليوم في سياق مختلف لكن مشابه: هل النزعة الفضائحيّة التي تختارها بعض المحطّات اللبنانيّة تحمل أهدافاً سامية تبرّر توجّهاتها الاشكاليّة؟ بمَ كانت LBCI تفكّر أول من أمس حين أعلنت على فايسبوك: «ترقّبوا الصور الحصرية لجرحى القوة الضاربة في الجيش داخل مبنى بلدية عرسال». لكنّ المحطة عدلت عن ذلك، بعد تدخّل قيادة الجيش، قبل أن تعود عن قرارها وتبث الصور أمس. الأكيد أنّ بث وثائق عرسال يحمل انعكاسات خطيرة على الاستقرار والسلم الأهلي من دون نتائج ايجابيّة، اللهمّ إلا رفع نسبة المشاهدة على القناة. من حق المواطن أن يعرف طبعاً، تلك هي الحرية، لكن من واجبات مؤسسة اعلاميّة أساسيّة في لبنان أن تختار ما تبثّه من صور، تلك هي المسؤوليّة في الديموقراطيّة. ورغم تحفّظنا على أي تدخّل للسلطة العسكريّة في الاعلام، إلا أن تلك نقل تلك المادة «الميدانيّة»، مهما برّرت له ادارة المحطّة، قد يندرج في سياق المتاجرة بجراح الناس وأمن البلد.
لفهم المناخ العام والحماسة لدى الجمهور، تكفي متابعة ردود الفعل على «فايسبوك» لدى الإعلان عن «السبق». لقد اكتشفت LBCI منذ أشهر أنّ البث المباشر هو الوصفة السحرية لجذب المشاهد، وها هي تضيف الصور الصادمة لأن الجمهور «يحبّ» مشاهد الفظاعة. محطّة بيار الضاهر حقّقت أهدافها ببث المادة المحظورة، فيما دم شهيدي الجيش (بيار مشعلاني وابراهيم زهرمان) ما زال دافئاً، وعويل النساء المفجوعات يملأ شاشتها. السؤال هنا أخلاقي قبل كل شيء: هل كان على اللبنانيّين أن يروا البدلة العسكريّة المضرجة بالدم كي يعرفوا ما يعرفونه أصلاً؟ هل مَشاهد الوحشية والهمجية تضيف إلى النقاش العام حقّاً؟ LBCI صرّحت أنّ خيارها يشكّل رداً على مَن يقول بأنّ «العناصر لم تكن ترتدي زيّ الجيش». الذريعة ليست مقنعة تماماً. نيرون أحرق روما مرّة كي يكتب قصيدة. وها هي محطّة لبنانيّة مرموقة تخاطر بإحراق بلد من أجل... سبق صحافي.
7 تعليق
التعليقات
-
"هل نحرق بلداً من أجل سبق"هل نحرق بلداً من أجل سبق صحافي؟" بما انّ في المرة الأولى تدخلت قيادةالجيش، اعتقد أنّ الـ LBCI أخذت الأذن في المرة الثانية من هذه القيادةالصور، فهل هذا يعني أنّ الجيش اللبناني يريد احراق البلد؟
-
عزيزتي هل ترين ان بث الصورعزيزتي هل ترين ان بث الصور يهدد في إحراق البلد فيما الخطاب الطائفي للتو تي في والتحريض على طائفة بأكملها وعلى كل اهالي عرسال مقبول؟ ربما لم يكن يجدر بالآل بي سي عرض الصور لكن كوني أكيدة ليس هذا ما يهدد بحرق البلد
-
LBCI وعلياء المهدي: البورنوغرافيا السياسيةالمشترك بين علياء المهدي وبيار الضاهر هو استعمال البورنوغرافيا للفت الانظار ولمصالح شخصية حصرا. شاهدنا تلك الفنانة السورية التي تعرت في احد منتزهات نيويورك "اعتراضا" على غزو العراق. الناس وتفرجت واخذت صور وتضامنت او لم تتضامن والنتيجة؟ بقي الجيش الاميركي في العراق يقتل العراقيين ويمعن في تقسين البلد. هل من يذكر اسم تلك "الفنانة"؟ من كل تجارب الحركات النسوية شرقا وغربا لم تنسجم علياء المهدي الا مع التجربة الاوكرانية التي هي نبراس للحركات النسوية العالم اجمع. والدليل؟ من بين كل نساء العالم اختارت المخرجة السينمائية اللبنانية لفيلمها "وهلأ لوين؟" نساء اوكرانيات لتستوردهن من اجل تسلية وامتاع رجال القرية المحاربجية. من كريستين دو بيزان الفرنسية الى بيتي فريدان الاميركية وهدى شعراوي المصرية ومادو كيشوار الهندية وكاتو شيدزوي اليابانية، من كل تلك التجارب اختارت علياء المهدي التجربة الاوكرانية او اوبرايشين الثدي العاري والتي هي اكيد ومن كل بز ستنجح. بالتوفيق ان شاء الله. اما بيار الضاهر او الفوضى فهو تاجر مناظر. قد تكون مشاهد اباحية تهتك حرمة الجسد وقد تكون اباحية تهتك حرمة الموت. لا يهم. المهم عدد المشاهدين وزيادة الاعلانات. بعد ايام من احداث ايلول طلب الرئيس الاميركي بوش من محطات التلفزيون التوقف عن بث مشاهد ارتطام الطائرات بالابراج في نيويورك وذلك حفاظا على معنويات الناس وعدم اثارة اية مشاعر سلبية بين الشعب وبين الاميركان والمواطنين الاميركان من اصل عربي. ولانه ان كان هناك من اقتصاص فهو من اختصاص الدولة وليس الشعب فلا داع لاثارة الشعب على بعضه. هكذا تصرف مجرم الحرب جورج بوش فبماذا يمكن وصف بيار الضاهر؟ بيار الضاهر هو الفوضى. بالنجاح ان شاء الله.
-
هل يحق لمن يملك معلومة أن يحجبها عن الرأي العامفي البدء كانت الكلمة واليوم اصبحت الصورة، بالطبع السبق الصحفي لا يمكن أن يتم وضعه في اطار السلم الاهلي وجريدتكم ادرى من غيرها بنوعية المواد التي تنشر على صفحاتها التعبير عن الرأي حق مشروع وتقديم المعلومة حق مشروع، ممكن ان المقارنة لا تجوز ولكن هل كان بامكان جريدتكم ان تمتنع عن عرض تسجيلات يمكن انها ادت في فترة ما الى بلبلة في البلد وتقديمها الى القضاء دون نشرها في الجريدة، أو ما يصح لكم لا يصح لغيركم. حتى هل يمكن لموقفكم الانساني ان يمنعكم من عرض هذه الصور لو كانت حصرية لكم. الاعلام يقدم الصورة وعلى الناس ان تحكم. بعد كل ما نحاول ان نواجه من رقابة خارجية هل استطاع الرقيب ان ينقل ثقافته الى داخل تفكيرنا. الرحمة تجوز ولكن الحقيقة تبقى أنه حيث توجد معلومة لا اخلاق. وهذه مهنة والكل يسعى الى سبق. هل لو لم تنشر الصور كان اقتنع "رئيس جمهورية عرسال" بتغيير روايته؟
-
انا احيي غيرتك يا رفيقة أملانا احيي غيرتك يا رفيقة أمل على المؤسسة العسكرية وادانتك لتجار الدم. فعلا الاعلام زاهدها والعسكر لازم يلعب دوره ويوقفهن عن حدهن. "الاخبار" دائما ودوما صوت الذين لا هيبة لهم.