حين انطلقت «الميادين» في حزيران (يونيو) 2012، معلنةً خطها التحريري، جعلت فلسطين بوصلتها. يومها، لم يقتنع الجمهور كلياً بأنّها ستكون كذلك، على اعتبار أنّ اللعب على وتر فلسطين وسيلة لحصد جمهور كبير. لكن بعد أقل من سنة على انطلاقتها، أثبتت القناة صدق شعارها قولاً وفعلاً. منحت فلسطين أولويتها على أي خبر وأثبتت أنّها تمتلك في مقرها الرئيسي في بيروت وفي فلسطين فريقاً محترفاً يعرف كيف يوجه ضربات لإسرائيل وإعلامها. ومن تغطيتها المتميّزة للحرب على غزة، ثبّتت «الميادين» قدميها على الأرض وأكملت رسالتها أول من أمس الأربعاء، في يوم «توحيد القدس»، وهو تقليد يهودي سنوي. بدأت القناة تغطيتها لهذا اليوم من خبر اعتقال مفتي القدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين. كان الخبر عادياً للجمهور، إلى أن فتحت «الميادين» هواءها لنقل احتفالات المستوطنين الإسرائيليين عند باب المغاربة والمواجهات بين الفلسطينيين من جهة والمستوطنين والشرطة الإسرائيلية من جهة أخرى. نقلت القناة على الهواء الاعتقالات الإسرائيلية بحق الأطفال والشباب وكبار السن الفلسطينيين، وألغت نشراتها وبرامجها، وفتحت عدستها على القدس المحتلة. هناك، كانت مراسلتها هناء محاميد التي لم تأبه لأوامر الشرطة الإسرائيلية بوقف البث، بل وقع تلاسن بين الاثنين على الهواء مباشرة. أبقت محاميد عدسة كاميراتها مفتوحةً، رغم التضييق الإسرائيلي عليها، وظلّت تعطي القناة رسالةً استمرت لساعات، ونقلت أيضاً اعتداء الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين على مصوّر «الميادين» وبعض الصحافيين. مع ذلك، لم تتوقف التغطية. حاولت محاميد أن يكون صوتها أعلى من أصوات صراخ الشرطة الإسرائيلية. ورددت عبارة «رغم القمع ظلّ العلم الفلسطيني مرفوعاً»، في إشارة إلى بعض الشبان الذين كانوا يحملون العلم الفلسطيني. تلقّفت «الميادين» هذه العبارة لتجعلها إحدى فواصلها. كانت القناة حريصة على نقل «العربدة» الإسرائيلية مباشرة، وكانت هناء محاميد نموذجاً للفلسطيني المقدسي المقاوم بالصوت والصورة. تركيز «الميادين» على الانتهاكات الإسرائيلية قابله غياب الفضائيات العربية عن الحدث، هي المشغولة بسوريا (الجزيرة) والاقتصاد (العربية) والطقس وغيرهما. أمام هذا المشهد الفضائي، تقفز إلى البال قصيدة مظفر النواب، فتجد نفسك تردد بأسى «القدس عروس عروبتكم...».