قديماً وُصف المتنبي بمالئ الدنيا وشاغل الناس. ربما صار هذا الوصف صالحاً لـ«الولادة من الخاصرة 3» (منبر الموتى) لكثرة ما أثيرت زوابع حول المسلسل، وكاتبه السيناريست الشاب سامر رضوان (1975)، وخصوصاً بعد اعتذار المخرجة رشا شربتجي عن عدم إكمال تصوير الجزء الثالث، وامتناع الرقابة السورية عن إعطاء موافقة مبدئية على نصّ العمل ثم وصول تسريبات موثوقة لـ«الأخبار» عن نيّة جهات أمنية سورية اعتقال كاتب المسلسل سامر رضوان، على خلفية خلاف شخصي مع ممثل سوري شاب يُدعى محمد عمر.
فيما انتشرت أخبار رجّحت أن تكون نية اعتقال رضوان نتيجة قراءة سريعة لنصّ «منبر الموتى» (الأخبار 29/4/2013). بالفعل، اعتقلت السلطات السورية رضوان مساء الاثنين الماضي عند نقطة المصنع الحدودية لدى عودته من بيروت إلى دمشق. يصرّح مصدر مقرّب من رضوان بأنّه حال وصوله إلى الحدود السورية وتسليم جواز سفره لختم تأشيرة الدخول، سئل إن كان هو كاتب «الولادة من الخاصرة»، ليُصار بعدها إلى احتجازه على الفور. وقد أمضى ليلته في سجن النقطة الحدودية في المصنع، ثم اقتيد صباح الاثنين إلى فرع أمني هو «فرع المنطقة» في دمشق. وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أنّه متأكد أنّ سبب الاعتقال هو تقارير أمنية مضللة وصلت إلى الفروع الأمنية تتّهم نصّ الجزء الثالث من المسلسل الشهير بأنه يحرّض أبناء طائفة سورية محددة، ويهاجم الجيش والأمن، ويحمّلهما مسؤولية كل ما سال من دماء على الأراضي السورية. وقد اتخذت الأجهزة الأمنية من قصة محمد عمر (راجع الكادر) ذريعةً لهذا الاعتقال. وأضاف المصدر أنّه راجع أكثر من مسؤول أمني سوري، فأكّدوا له أنّ نص المسلسل هو السبب الرئيسي وراء القصة، فيما يضيف المصدر أنّ هناك تقارير كاذبة أفادت بأنّ رضوان شارك في «مؤتمر المعارضة العلوية» في القاهرة قبل أشهر، وهذا ما لم يحصل. علماً بأنّ السيناريست فؤاد حميرة شارك في المؤتمر ذاته من دون أن يتعرّض لأي مضايقة. ينفي مخرج «منبر الموتى» سيف الدين السبيعي في اتصال مع «الأخبار» علمه بسبب اعتقال رضوان. يؤكد أنّه قبل شروعه بالتصوير، توجّه إلى الشام وسأل الجهات السورية المسؤولة عن رقابة الأعمال، فأكدوا له أن الموافقة لم تمنح للنص؛ لأنه يصوّر خارج سوريا، وأنّ وزارة الإعلام السورية ستشاهده عند انتهائه لتبتّ مسألة عرضه على القنوات السورية.
من جهتهم، أكّد عدد كبير من نجوم «منبر الموتى» في تصريحات لـ«الأخبار» أنّ نص المسلسل لا يحرّض ولا يحمّل مسؤولية الفوضى في سوريا لطرف دون آخر، وأضافوا أنّه يقدم مكاشفة للواقع السوري الجديد، لكن برؤية موضوعية واعتدال. وقد سبق لرضوان أن أبدى استعداده لإرسال حلقات مسلسله كاملة إلى «الأخبار» حتى ينفي أي تهمة لنصّه بالطائفية أو التحريض. من جانب آخر، يؤكد صنّاع العمل أنّ مسلسلهم فرصة لالتقاء السوريين على اختلاف توجهاتهم؛ إذ يجمع بين مجموعة ممثلين يختلفون في الموقف، منهم نائب نقيب الفنانين السوريين وعضو مجلس الشعب محسن غازي، وفنانات معارضات كسمر سامي ومي سكاف.
من جانبه، اختار نجم «الولادة من الخاصرة» قصي خولي النأي بنفسه والتزام الصمت وعدم الرد على اتصالاتنا المتكررة.
من جهته، لم يتمكن النجم السوري عابد فهد من كبح جماح غضبه عندما علم بالأمر لدى اتصاله مع «الأخبار» قائلاً: «إذا كان «الولادة من الخاصرة» هو سبب اعتقال سامر رضوان، فهذه لغة جديدة لم نعتدها حتى في سنوات خلت، ويجب الإفراج عنه فوراً؛ لأنّ المسلسل يشرح كل وجهات النظر، ويقدمها للمشاهد ليختار وجهة النظر الأقرب إليه، فالجميع متهمون ومدانون في آن واحد، وهذه هي الحقيقة». يشرح الممثل الذي يجسّد شخصية «المقدم رؤوف» في العمل، مضيفاً: «ليس هناك أي توجه سياسي محدد أو مؤدلج، فالمشروع عمل درامي بحت وليس حراكاً سياسياً. قد تكون لغة النص جديدة ومباشرة، لكن ذلك لا يدعو إلى اعتقال سيناريست وشاعر سوري مرموق». فيما صرّح النجم باسم ياخور لـ«الأخبار» بأنّه «بعد سنتين من إراقة دماء الشهداء السوريين الأبرياء، يبدو واضحاً أنّ أداء المؤسسة الأمنية لم يتغير إلا نحو الأسوأ، وهذا يكرس فكرة أنّ سوريا لن تتجه نحو التغيّر، رغم هول ما يحصل. وإذا كانت هناك أي دعوى قضائية على رضوان، كان يُفترض أن تحتجزه الشرطة المدنية وتمنحه حقّه في توكيل محام ويُفرَج عنه بكفالة إذا أراد ذلك». يشرح صاحب شخصية «شيخ الوادي» في المسلسل، مطالباً بالحرية لسامر رضوان ولكل الكتّاب والصحافيين والفنانين وسجناء الرأي في ظلمة سجون الاستبداد.



محمد عمر وراء القصة؟


سبق أن تسلمت «الأخبار» كل الوثائق التي استند إليها ممثل سوري مغمور يدعى محمد عمر في الادعاء الذي رفعه على سامر رضوان (الصورة). وتبيِّن الوثائق أنّ عمر رفع دعوى قضائية يتهم فيها كاتب «الولادة من الخاصرة» باختطافه، والتهديد بقتله وتسليمه لـ«الجيش السوري الحرّ»، مستنداً إلى تقرير طبيب شرعي ومحضر ضبط لشرطة «مخفر صحنايا» الذي تتبع له المنطقة التي جرت فيها الحادثة بحسب ادعاء محمد عمر. وقد علمت «الأخبار» بأنّ الخلاف الحقيقي حصل بعدما رفض عمر التنازل عن مزرعة باعها لرضوان رغم قبضه كامل مستحقاته المالية، فيما لم تلق اتصالاتنا المتكررة بعمر أي جواب!